أحمد بن علي بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار، أبو عبد الرحمن النسائي. ولد عام (215هـ) أصله من نسا (بخراسان) جال في البلاد واستوطن مصر، فحسده مشايخها، فخرج إلى الرملة (بفلسطين) فسئل عن فضائل معاوية، فأمسك عنه، فضربوه في الجامع، وأخرج عليلا، فمات سنة (303هـ) ودفن ببيت المقدس، وقيل: خرج حاجًّا فمات بمكة. له (السنن الكبرى) في الحديث، و (المجتبى) وهو السنن الصغرى، من الكتب الستة في الحديث. وله (الضعفاء والمتروكون) صغير في رجال الحديث، و(خصائص علي) و(مسند علي) و(مسند مالك) وغير ذلك.
جزء حديثي مسنَد لطيف، ذكر فيه المصنفُ فضلَ يوم الجمعة، وأول جمعة جمعت، والتشديد في التخلف عنها، ووقتها، كيف الخطبة فيها، والقراءة في خطبتها، وساعة الإجابة في يوم الجمعة... إلى غير ذلك من الموضوعات، وطريقته أنه يسرد الأحاديث بأسانيدها مع التبويب، ثم يعلق عليها بشرح اللفظ الغريب أحيانا، كما أنه لا يتعرض لبيان درجة الحديث وأحوال رجاله، وقد ألحق المحقق بحثا طيبا عن فقه يوم الجمعة.
كتاب من أهم دواوين السنة اشتمل على عدد من النصوص المسندة، رتبها المصنف تحت عدة كتب كل كتابٍ تحته أبواب، ويمكن تلخيص منهجه على النحو التالي: يذكر المصنف للنص الواحد عددًا من الطرق في مكان واحد، ويشير أيضا إلى العلل الواقعة في بعض الأسانيد، ولاسيما المخالفات والموافقات في الطرق والألفاظ، وكذلك يشير إلى ما وقع من النسخ في العمل ببعض النصوص في تراجم الأبواب، وقد انفرد المصنف بقدر كبير من الأحاديث عن باقي الكتب الخمسة، منها ما هو ثابت، وما ليس كذلك، وقد تضمنت هذه النصوص الثابتة أصولًا مهمة من أصول الدين، وقد زاد المؤلف بعض الأبواب وبعض النصوص في «السنن الصغرى» ليست في «الكبرى»، ضمَّن المؤلفُ هذا الكتاب كتبا لا تكون عادة في كتب السنن، ككتاب الفضائل، وكتاب التفسير، وغيرها، وهذه محلها في الجوامع وكتب الصحاح وما أشبهها؛ لذا لم يتعرض لها في المجتبى، ومما ينبغي التنبه إلى أن كتاب «الإيمان» الموجود في «الكبرى» ليس من عمل المؤلف في هذا الكتاب؛ بل إن المحقق نقله من «الصغرى» إكمالًا للفائدة، وثمة راو يذكره المؤلف في الصغرى بلا تمييز له عمن شاركه في الاسم والشيخ أو نحو ذلك، تجده في الكبرى مميزًا بما يرفع الإشكال، ويزيل اللبس.
قد وضع النسائي كتابًا كبيرًا جدًا حافلاً عرف بالسنن الكبرى ، وهذا الكتاب (المجتبى) المشهور بسنن النسائي منتخب منه ، وقد قيل : إن اسمه (المجتنى) بالنون . وكتاب (المجتبى) هذا يسير على طريقة دقيقة تجمع بين الفقه وفن الإسناد ، فقد رتب الأحاديث على الأبواب ، ووضع لها عناوين تبلغ أحيانًا منزلة بعيدة من الدقة ، وجمع أسانيدالحديث الواحد في موطن واحد . وقد جمع النسائي في كتابه أحاديث الأحكام ، وقسمه إلى كتب، وعدد كتبه 58 كتابـًا، وقسم كل كتاب إلى أبواب ، ولم يفعل فعل أبي داود والترمذي في الكلام على بعض الأحاديث بالتضعيف ، كما لم يتكلم على شيء من رجال الحديث بالجرح والتعديل ، ولم ينقل شيئـًا من مذاهب فقهاء الأمصار . والسبب الذي دعا أبا داود والترمذي والنسائي إلى أن يذكروا في كتبهم أحاديث معللة هو احتجاج بعض أهل العلم والفقه بها ، فيوردونها ويبينون سقمها لتزول الشبهة . وقد اشتهر النسائي بشدة تحريه في الحديث والرجال، وأن شرطه في التوثيق شديد .
1- المقصود هنا السنن الصغرى، وهي اختصار السنن الكبرى، ولذلك فإنه يسمى «المجتبى من السنن الكبرى». 2- إنه أقوى السنن الأربعة حديثا، وأكثر أحاديثه في الصحيحين، وقد اشتمل على الصحيح والحسن، وقليل من الحديث الضعيف، ولابد من عرض أحاديثه على قواعد الجرح والتعديل، وقد جرد الشيخ الألباني أحاديثه المقبولة في صحيح سنن النسائي. 3- يمتاز الكتاب بتخصصه في أحاديث الأحكام وبتفريعات داخل الأبواب بما لا يعرف لغيره، وذلك دال على فقه الإمام النسائي. 4- كثيرا ما يكرر النسائي إيراد الحديث في الموضع الواحد، مع الإتيان بإسناد مغاير في كل مرة. 5- يعنى النسائي بذكر ما بين الروايات من الاختلاف مع بيان العلل والصحيح والأصح والضعيف والأضعف، وبيان أحوال الرجال الذين فيهم ضعف.