الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.استيلاء جلال الدين على أذربيجان وغزو الكرج. قد تقدم لنا مسير جلال الدين في نواحي بغداد وما ملك منها وما وقع بينه وبين صاحب اربل من الموافقة والصلح ولما فرغ من ذلك سار إلى أذربيجان سنة اثنتين وعشرين وقصد مراغة أولا فملكها وأقام بها وأخذ في غمارتها وكان بغان طابش حال أخيه غياث الدين مقيما بأذربيجان كما مر فجمع عساكره ونهب البلد وسار إلى ساحل اران فشتى هنالك ولما عاث جلال الدين في نواحي بغداد كما قدمناه بعث الخليفة الناصر إلى بغان طابش وأغراه بجلال الدين وأمره بقصد همذان واقطعه اياما وما يفتحه من البلاد فعاجله جلال الدين وصبحه بنواحي همذان على غرة وعاين الجند فسقط في يده وارسل زوجته أخت السلطان جلال الدين فاستأمنه له فآمنه وجرد العساكر عنه وعاد إلى مراغة وكان ازبك بن البهلوان قد فارق تبريز كرسي ملكه إلى كنجة فأرسل جلال الدين إلى أهل تبريز يأمرهم بميرة عسكره فأجابوا إلى ذلك وترددت عساكره إليها فتجمع الناس وشكا أهل تبريز إلى جلال الدين ذلك فأرسل إليهم شحنة يقيم عندهم للنصفة بين الناس وكانت زوجة ازبك بنت السلطان طغرلبك بن ارسلان وقد تقدم ذكرها في أخبار سلفها مقيمة بتبريز حاكمة في دولة زوجها ازبك ثم ضجر أهل تبريز من الشحنة فسار جلال الدين إليها وحاصرها خمسا واشتد القتال وعابهم بما كان من اسلام أصحابه إلى التتر فاعتذروا بأن الأمر في ذلك لغيرهم والذنب لهم ثم استامنوا فآمنهم وأمر ببنت السلطان طغرل وأبقى لها مدينة طغرل إلى خوي كما كانت وجمع ما كان لها من المال والاقطاع وملك تبريز منتصف رجب سنة اثنتين وعشرين وبعث بنت السلطان طغرل إلى خوي مع خادميه فليح وهلال وولى على تبريز ربيبها نظام الدين ابن أخي شمس الدين الطغرائي وكان هو الذي داخله في فتحها وأفاض العدل في أهلها وأوصلهم إليها وبالغ في الاحسان إليهم ثم بلغه آثار الكرج في أذربيجان واران وأرمينية ودرنبر شروان وما فعلوه بالمسلمين فاعتزم على غزوهم وبلغه اجتماعهم برون فسار إليهم وعلى مقدمته جهان بهلوان الكعبي فلما تراءى الجمعان وكان الكرج على جبل لم يستهلوه فتسنمت إليهم العساكر الاوعار فانهزموا وقتل منهم أربعة آلاف أو يزيدون وأسر بعض ملوكهم واعتصم ملك آخر منهم ببعض قلاعهم فجهز جلال الدين عليها عسكرا لحصارها وبعث عساكره في البلاد فعاثوا فيها واستباحوها..فتح السلطان مدينة كنجة ونكاحه زوجة ازبك. لما فرغ السلطان من أمر الكرج واستولى على بلادهم وكان قد ترك وزيره شرف الدين بتبريز للنظر في المسالح وولى عليها نظام الملك الطغرائي فقصد الوزير به وكتب إلى السلطان بأنه وعمه شمس الدين داخلوا أهل البلد في الانتقاض واعادة ازبك لشغل السلطان بالكرج فلما بلغ ذلك إلى السلطان أسره حتى فرغ من أمر الكرج وترك أخاه غياث الدين نائبا على ما ملك منها وآمره بتدويخ بلادهم وتخريبها وعاد إلى تبريز فقبض على نظام الملك الطغرائي وأصحابه فقتلهم وصادر شمس الدين على مائة ألف وحبسه بمراغة ففر منها إلى ازبك ثم لحق ببغداد وحج سنة خمس وعشرين وبلغ السلطان تنصله في المطاف ودعاؤه على نفسه أن كان فعل شيئا من ذلك فأعاده إلى تبريز ورد عليه أملاكه ثم بعثت إليه زوجة ازبك في الخطبة وأن ازبك حنث فيها بالطلاق فحكم قاضي تبريز عز الدين القزويني بحلها للنكاح فتزوجها السلطان جلال الدين وسار إليها فدخل في خوي ومات ازبك لما لحقه من الغم بذلك ثم عاد السلطان إلى تبريز فأقام بها مدة ثم بعث العساكر مع ارخان إلى كنجة من أعمال نقجوان وكان بها ازبك ففارقها وترك بها جلال الدين القمي نائبا فملكها عليه ارخان واستولى على أعمالها مثل وشمكورو بردعة وشنة وانطلقت أيدي عساكره في النهب فشكا ازبك إلى جلال الدين فكتب إلى ارخان بالمنع من ذلك وكان مع ارخان نائب الوزير إلى السلطان فعزل ارخان وذهب مغاضبا إلى أن قتلته الاسماعيلية وفي آخر رمضان من سنة اثنتين وعشرين توفي الخليفة الناصر لسبع وأربعين سنة من خلافته واستخلف بعده ابنه الظاهر أبو نصر محمد بعهده إليه بذلك كما مر في أخبار الخلفاء.
|