الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.الفوائد: 1- فضل الشعر:واستثناء الشعراء الصالحين الذين ينافحون دون الأوطان، ويدعون إلى الفضائل والإصلاح، ويصورون عيوب المجتمع وسيئاته لرأب صدوعه، يدل على ما للشعر من مكانة سامية ومنزلة عالية، وقد روى البخاري عن أبيّ بن كعب أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: إن من الشعر حكمة، وعن ابن عباس قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فجعل يتكلم بكلام فقال: إن من البيان سحرا وان من الشعر حكمة. أخرجه أبو داود، وقالت عائشة رضي اللّه عنها:الشعر كلام منه حسن ومنه قبيح فخذ الحسن ودع القبيح، وقال الشعبي: كان أبو بكر يقول الشعر وكان عمر يقول الشعر وكان عثمان يقول الشعر وكان علي أشعر من الثلاثة رضي اللّه عنهم أجمعين.بين النظم والنثر:وقال صاحب العمدة: وكلام العرب نوعان: منظوم ومنثور، ولكل منهما ثلاث طبقات: جيدة ومتوسطة ورديئة، فإذا اتفق الطبقتان في القدر وتساوتا في القيمة ولم يكن لإحداهما فضل على الأخرى كان الحكم للشعر ظاهرا في التسمية لأن كل منظوم أحسن من كل منثور من جنسه في معترف العادة، ألا ترى أن الدر، وهو أخو اللفظ ونسيبه، إليه يقاس وبه يشبه، إذا كان منثورا لم يؤمن عليه ولم ينتفع به في الباب الذي له كسب ومن أجله انتخب، وإن كان أعلى قدرا وأغلى ثمنا، فإذا نظم كان أصون له من الابتذال، وأظهر لحسنه مع كثرة الاستعمال، وكذلك اللفظ إذا كان منثورا تبدد في الأسماع وتدحرج عن الطباع.الكذب مذموم إلا من الشعراء:ومن فضائله أن الكذب الذي اجتمع الناس على قبحه حسن فيه، وحسبك ما حسّن الكذب واغتفر له قبحه، فقد أوعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كعب بن زهير لما أرسل إلى أخيه بجير ينهاه عن الإسلام وذكر النبي صلى اللّه عليه وسلم بما أحفظه فأرسل اليه أخوه: ويحك ان النبي أوعدك لما بلغه عنك وقد كان أوعد رجالا بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه فقتلهم يعني ابن خطل وابن حبابة وان من بقي من شعراء قريش كابن الزبعرى وهبيرة بن أبي وهب قد هربوا في كل وجه فإن كانت لك في نفسك حاجة فطر إلى رسول اللّه فإنه لا يقتل من جاء تائبا وإلا فانج إلى نجائك فإنه واللّه قاتلك، فضاقت به الأرض فجاء إلى رسول اللّه متنكرا فما صلى البني صلاة الفجر وضع كعب يده في يد رسول اللّه ثم قال: يا رسول اللّه إن كعب بن زهير قد أتى مسنأمنا تائبا أفتؤمنه فآتيك به؟ قال: هو آمن فحسر كعب عن وجهه وقال: بأبي أنت وأمي يا رسول اللّه هذا مكان العائذ بك أنا كعب بن زهير فأمنه رسول اللّه وأنشد كعب قصيدته التي أولها:يقول فيها بعد تغزله وذكر شدة خوفه ووجله: فلم ينكر عليه النبي قوله، وما كان ليوعده على باطل، بل تجاوز عنه ووهب له بردته فاشتراها منه معاوية بثلاثين ألف درهم وقال العتبي بعشرين ألفا وهي التي توارثها الخلفاء يلبسونها في الجمع والأعياد.ويروى أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه مرّ بحسّان وهو ينشد الشعر في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم قال: أرغاء كرغاء البعير، فقال حسان: دعني عنك يا عمر فواللّه انك لتعلم لقد كنت أنشد في هذا المسجد لمن هو خير منك فما يغير عليّ ذلك فقال عمر: صدقت.وقال صاحب العمدة: فأما احتجاج من لا يفهم وجه الكلام بقوله تعالى {والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وانهم يقولون ما لا يفعلون} فهو غلط وسوء تأول لأن المقصود بهذا النص شعراء المشركين الذين تناولوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالهجاء ومسّوه بالأذى فأما من سواهم من المؤمنين فغير داخل في شيء من ذلك، ألا تسمع كيف استثناهم اللّه عز وجل ونبه عليهم فقال: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا اللّه كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا} يريد شعراء النبي الذين ينتصرون له ويجيبون المشركين عنه كحسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد اللّه بن رواحة وقد قال فيهم النبي صلى اللّه عليهم وسلم: «هؤلاء النفر أشدّ على قريش من نصح النبل» وقال لحسان بن ثابت: «اهجهم- يعني قريشا- وروح القدس معك فو اللّه لهجاؤك عليهم أشد من وقع السهام في غلس الظلام والق أبا بكر يعلمك تلك الهنات» فلو أن الشعر حرام أو مكروه ما اتخذ النبي شعراء يثيبهم على الشعر ويأمرهم بعمله ويسمعه منهم.وأما قوله صلى اللّه عليه وسلم: «لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلىء شعرا» فإنما هو من غلب الشعراء على قلبه وملك نفسه حتى شغله عن دينه وإقامة فرضه ومنعه من ذكر اللّه تعالى.وقد قال الشعر كثير من الخلفاء الراشدين والجلّة من الصحابة والتابعين والفقهاء المشهورين:فمن ذلك قول أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه قالوا:واسمه عبد اللّه بن عثمان ويقال: عتيق لقب له قال في غزوة عبيدة بن الحارث: هذا ولابد من الإلماع إلى أن ابن هشام قال في سيرته: وأكثر أهل العلم ينكر هذه القصيدة لأبي بكر.ومن شعر عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه وكان من أنقد أهل زمانه للشعر وأنفذهم فيه معرفة: ومن شعره أيضا وقد لبس بردا جديدا فنظر الناس إليه: ومن شعر عثمان بن عفان رضي الله عنه: ومن شعر علي بن أبي طالب ما قاله يوم صفين يذكر همدان ونصرهم إياه: ومن شعر الحسن بن علي وقد خرج على أصحابه مختضبا، رواه المبرد: ومن شعر الحسين بن علي وقد عاتبه أخوه الحسن في امرأته: ومن الخلفاء كثيرون قالوا الشعر فمن شعر عمر بن عبد العزيز: واشتهر من الفقهاء محمد بن إدريس الشافعي بالشعر فكان من أحسن الناس افتنانا بالشعر، وهو القائل: ومن روائعه المشهورة قوله في الحظ: وحسبنا ما تقدم من الاستشهاد فذلك قد يخرج بنا عن الغرض.نصائح بوالو للشاعر:هذا ونختم المبحث بالنصائح القيمة التي أوردها الكاتب الفرنسي بوالو للشاعر وخلاصتها: انه على الشاعر أن يتنزه عن الإباحية، صحيح ان تصوير الحب مباح ولكن بحيث لا يكون في هذا التصوير أي نوع من أنواع التبذّل، وينبغي أن يتجرد من الغيرة، إنها آفة من آفات رجال الأدب وهي رذيلة إن وجدت في أحدهم دلت على ضعف مواهبه.ثم ينبغي عليه أن يكون طيب الصحبة ممتع الحديث، ثم إن مما يشين شاعرا من الشعراء أن يوجه همه إلى كسب المال، كما يجدر به- على العكس- أن يسعى لبلوغ المجد، وعليه أن لا يحطّ من قدر الشعر ذلك الفن الإلهي الذي هذب فيما مضى النفوس وألهب فيها الوطنية وعلم الحكمة والفضيلة.2- من هو سطيح الكاهن:روى التاريخ أن سطيحا الغساني كان أكهن الناس وقد أنذر بسيل العرم وكان جسده يدرج كما يدرج الثوب خلا جمجمة رأسه وإذا مست باليد أثرت فيه للين عظمها وكان أبدا منسطحا على الأرض عاش 150 سنة على ما قيل، ومات في الليلة التي ولد فيها محمد صلى اللّه عليه وسلم، ومن كهانته انه لما كان ليلة ولد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ارتج إيوان كسرى فسقطت منه أربع عشرة شرفة فأعظم ذلك أهل المملكة وكتب إلى كسرى صاحب الشام أن وادي السماوة قد انقطع في تلك الليلة وكتب إليه صاحب اليمن أن بحيرة ساوة غاضت تلك الليلة وكتب إليه صاحب طبرية أن الماء لم يجر تلك الليلة في بحيرة طبرية وكتب إليه صاحب فارس أن النار خمدت تلك الليلة فلما تواترت عليه الكتب أظهر سريره وبرز إلى أهل مملكته فأخبرهم الخبر فقال الموبذان: أيها الملك إني رأيت تلك الليلة رؤيا هالتني، رأيت إبلا صعابا تقود خيلا عرابا، حتى اقتحمت دجلة وانتشرت في بلادنا قال فما عندك في تأويلها؟ قال:ما عندي شيء ولكن أرسل إلى عاملك في الحيرة يوجه إليك رجلا من علمائهم فإنهم أصحاب علم بالحدثان فوجه اليه عبد المسيح بن نفيلة الغساني فأخبره كسرى بالخبر فقال: أيها الملك ما عندي فيها من شيء ولكن جهزني إلى خالي سطيح فجهزه فلما قدم عليه وجده قد احتضر فناداه فلم يجبه فقال: فرفع اليه سطيح رأسه وقال: عبد المسيح، على جمل مشيح، أقبل إلى سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان، لارتجاج الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان، رأى إبلا صعابا تقود خيلا عرابا، حتى اقتحمت الواد وانتشرت في البلاد، يا عبد المسيح إذا ظهرت التلاوة، وفاض وادي السماوة، وظهر صاحب الهراوة، فليست الشام لسطيح بشام يملك منهم ملوك وملكات، بعدد ما سقط من الشرفات، وكل ما هو آت آت ثم قال: فأتى كسرى فأخبره فغمّه ذلك فقال: إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكا يدور الزمان فملكوا كلهم في أربعين سنة. اهـ. .قال أبو البقاء العكبري: سورة الشعراء:بسم الله الرحمن الرحيم.{طسم} مثل الم، وقد ذكر في أول البقرة، {تلك آيات الكتاب} مثل ذلك الكتاب، و{أن لا يكونوا} مفعول له: أي لئلا أو مخافة أن لا.قوله تعالى {فظلت} أي فتظل وموضعه جزم عطفا على جواب الشرط، ويجوز أن يكون رفعا على الاستئناف.قوله تعالى {خاضعين} إنما جمع جمع المذكر لأربعة أوجه: أحدها أن المراد بالأعناق عظماؤكم.والثاني أنه أراد أصحاب أعناقهم.والثالث أنه جمع عنق من الناس وهم الجماعة، وليس المراد الرقاب.والرابع أنه لما أضاف الأعناق إلى المذكر وكانت متصلة بهم في الخلقة أجرى عليها حكمهم.وقال الكسائي: خاضعين هو حال للضمير المجرور لا للأعناق، وهذا بعيد في التحقيق لان خاضعين يكون جاريا على غير فاعل ظلت، فيفتقر إلى إبراز ضمير الفاعل، فكان يجب أن يكون هم خاضعين.قوله تعالى {كم} في موضع نصب ب {أنبتنا} و{من كل} تمييز، ويجوز أن يكون حالا.قوله تعالى {وإذ نادى} أي واذكر إذ نادى، و{أن ائت} مصدرية أو بمعنى أي.قوله تعالى {قوم} هو بدل مما قبله {ألا يتقون} يقرأ بالياء على الاستئناف وبالتاء على الخطاب، والتقدير: يا قوم فرعون.وقيل هو مفعول يتقون.قوله تعالى {ويضيق صدري} بالرفع على الاستئناف: أي وأنا يضيق صدري بالتكذيب.وبالنصب عطفا على المنصوب قبله، وكذلك {ينطلق فأرسل إلى هارون} أي ملكا يعلمه أنه عضدي أو نبى معى.قوله تعالى {إنا رسول رب العالمين} في إفراده أوجه: أحدها هو مصدر كالرسالة: أي ذوا رسول، وأنا رسالة على المبالغة.والثانى أنه اكتفى بأحدهما إذا كانا على أمر واحد.والثالث أن موسى عليه السلام كان هو الأصل وهارون تبع فذكر الأصل.قوله تعالى {من عمرك} في موضع الحال من {سنين} و{فعلتك} بالفتح، وقرئ بالكسر: أي المألوفة منك.قوله تعالى {وتلك} ألف الاستفهام محذوف: أي أو تلك، و{تمنها} في موضع رفع صفة لنعمة، وحرف الجر محذوف، أي بها، وقيل حمل على تذكر أو تعدوا {أن عبدت} بدل من نعمة، أو على إضمار هي، أو من الهاء في تمنها أو في موضع جر بتقدير الباء: أي بأن عبدت.قوله تعالى {وما رب العالمين} إنما جاء بما لأنه سأل عن صفاته وأفعاله: أي ما صفته وما أفعاله، ولو أراد العين لقال من، ولذلك أجابه موسى عليه السلام بقوله: {رب السموات} وقيل جهل حقيقة السؤال فجاء موسى بحقيقة الجواب.قوله تعالى {للملا حوله} حال من الملا: أي كائنين حوله.وقال الكوفيون الموصوف محذوف: أي الذين حوله، وهنا مسائل كثيرة ذكرت في الأعراف وطه.قوله تعالى {بعزة فرعون} أي نحلف.قوله تعالى {أن كنا} لأن كنا.قوله تعالى {قليلون} جمع على المعنى لأن الشرذمة جماعة، و{حذرون} بغير ألف.وبالألف لغتان، وقيل الحاذر بالألف المتسلح، ويقرأ بالدال، والحاذر القوى والممتلئ أيضا من الغيظ أو الخوف.
|