الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
تنبيه: قَوْلُهُ يَحْرُمُ من الرَّضَاعِ ما يَحْرُمُ من النَّسَبِ وإذا حَمَلَتْ الْمَرْأَةُ من رَجُلٍ ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِهَا منه فَثَابَ لها لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا. هَكَذَا عِبَارَةُ الْأَصْحَابِ وَأَطْلَقُوا. وزاد في الْمُبْهِجِ فقال وَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا ولم يَتَقَيَّأْ. قَوْلُهُ صَارَ وَلَدًا لَهُمَا في تَحْرِيمِ النِّكَاحِ وَإِبَاحَةِ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ وَأَوْلَادُهُ وَإِنْ سَفَلُوا أَوْلَادُ وَلَدِهِمَا وَصَارَ أَبَوَيْهِ وَآبَاؤُهُمَا أَجْدَادُهُ وَجَدَّاتُهُ وَإِخْوَةُ الْمَرْأَةِ وَأَخَوَاتُهَا أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ وَإِخْوَةُ الرَّجُلِ وَأَخَوَاتُهُ أَعْمَامُهُ وَعَمَّاتُهُ وَتَنْتَشِرُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ من الْمُرْتَضِعِ إلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا فَيَصِيرُونَ أَوْلَادًا لَهُمَا بِلَا نِزَاعٍ في ذلك. قَوْلُهُ وَلَا تَنْتَشِرُ إلَى من في دَرَجَتِهِ من أخوته وَأَخَوَاتِهِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وقال في الرَّوْضَةِ لو ارْتَضَعَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى من امْرَأَةٍ صَارَتْ أُمًّا لَهُمَا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْآخَرِ وَلَا بِأَخَوَاتِهِ الْحَادِثَاتِ بَعْدَهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَخَوَاتِهِ اللَّاتِي وُلِدْنَ قَبْلَهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ الْآخَرِ انْتَهَى. وَلَا أَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا غَيْرَهُ وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ. ثُمَّ وَجَدْت بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيه قال هذا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ. قَوْلُهُ وَلَا تَنْتَشِرُ إلَى من هو أَعْلَى منه من آبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ وَأَعْمَامِهِ. وَعَمَّاتِهِ وَأَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ فَلَا تَحْرُمُ الْمُرْضِعَةُ على أبي الْمُرْتَضِعِ وَلَا أَخِيهِ وَلَا تَحْرُمُ أُمُّ الْمُرْتَضِعِ وَلَا أُخْتُهُ على أبيه من الرَّضَاعِ وَلَا أَخِيهِ بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ وَلَدِهَا من الزنى طِفْلًا صَارَ وَلَدًا لها وَحَرُمَ على الزَّانِي تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ ولم تَثْبُتْ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ في حَقِّهِ في ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ. وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. وقال أبو بَكْرٍ تَثْبُتُ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ. قَوْلُهُ قال أبو الْخَطَّابِ وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ بِاللِّعَانِ. وهو الصَّحِيحُ يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ لَبَنِ وَلَدِهَا الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ كَحُكْمِ لَبَنِ وَلَدِهَا من الزنى من كَوْنِ الْمُرْتَضِعِ يَحْرُمُ على الْمَلَاعِنِ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ ولم تَثْبُتْ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ في حَقِّ الْمَلَاعِنِ على الْمَذْهَبِ أو تَثْبُتُ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَثْبُتَ حُكْمُ الرَّضَاعِ في حَقِّ الْمَلَاعِنِ بِحَالٍ لِأَنَّهُ ليس بِلَبَنِهِ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا بِخِلَافِ الزَّانِي. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَإِنْ وطىء رَجُلَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِهِ طِفْلًا صَارَ ابْنًا لِمَنْ ثَبَتَ نَسَبُ الْمَوْلُودِ منه بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ أُلْحِقَ بِهِمَا كان الْمُرْتَضِعُ ابْنًا لَهُمَا بِلَا خِلَافٍ. زَادَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمْ فَقَالُوا وكذا الْحُكْمُ لو مَاتَ ولم يَثْبُتْ نَسَبُهُ فَهُوَ لَهُمَا. قُلْت وهو صَحِيحٌ. قَوْلُهُ وَإِنْ لم يُلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. إمَّا لِعَدَمِ الْقَافَةِ أو لِأَنَّهُ أَشْكَلَ عليهم. ثَبَتَ التَّحْرِيمُ بِالرَّضَاعِ في حَقِّهِمَا. كَالنَّسَبِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ هو لِأَحَدِهِمَا مُبْهَمًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا اخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ. قال في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَإِنْ لم يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُمَا لِتَعَذُّرِ الْقَافَةِ أو لِاشْتِبَاهِهِ عليهم وَنَحْوِ ذلك حَرُمَ عَلَيْهِمَا تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ. وَجَزَمَ بِه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وابن مُنَجَّا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ وَإِنْ ثَابَ لِامْرَأَةٍ لَبَنٌ من غَيْرِ حَمْلٍ تَقَدَّمَ. قال جَمَاعَةٌ منهم بن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ أو من وَطْءٍ تَقَدَّمَ. لم يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ نَصَّ عليه في لَبَنِ الْبِكْرِ. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قال في الْفُرُوعِ لم يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَنْصُوصُ وَالْمُخْتَارُ لِلْقَاضِي وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ. قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ عليه الْأَكْثَرُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ. قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُ ليس بِلَبَنٍ حَقِيقَةً بَلْ رُطُوبَةٍ مُتَوَلِّدَةٍ لِأَنَّ اللَّبَنَ ما أَنْشَزَ الْعِظَامَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ وَهَذَا ليس كَذَلِكَ. وَعَنْهُ يُنْشِزُهَا ذَكَرَهَا ابن أبي موسى. قال في الْمُسْتَوْعِبِ اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى. قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَوْل ابن حَامِدٍ. قال الشَّارِحُ وهو قَوْل ابن حَامِدٍ. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَلَا يَحْرُمُ لَبَنُ غَيْرِ حُبْلَى وَلَا مَوْطُوءَةٍ على الْأَصَحِّ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَنْشُرُ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ فَصَاعِدًا صَرَّحَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ وَإِنْ ثَابَ لِامْرَأَةٍ. قَوْلُهُ وَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ غَيْرُ لَبَنِ الْمَرْأَةِ فَلَوْ ارْتَضَعَ طِفْلَانِ من بَهِيمَةٍ أو رَجُلٍ أو خُنْثَى مُشْكِلٍ لم يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ بِلَا نِزَاعٍ. إذَا ارْتَضِعْ طِفْلَانِ من بَهِيمَةٍ لم يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ ارْتَضَعَ من رَجُلٍ لم يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ. وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ رِوَايَةً بِأَنَّهُ يَنْشُرُ. وَإِنْ ارْتَضَعَا من خُنْثَى مُشْكِلٍ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَنْشُرُ لَبَنُ الْمَرْأَةِ الذي حَدَثَ من غَيْرِ حَمْلٍ فَهُنَا لَا يَنْشُرُ بِطَرِيقِ أَوْلَى وَأَحْرَى. وقد تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَنْشُرُ على الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ. وَإِنْ قُلْنَا هُنَا يَنْشُرُ على الرِّوَايَةِ التي ذَكَرَهَا ابن أبي موسى فَهَلْ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ هُنَا لَبَنُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فيه وَجْهَانِ. هذه طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَهِيَ الصَّوَابُ. وَالصَّوَابُ أَيْضًا عَدَمُ الِانْتِشَارِ وَلَوْ قُلْنَا بِالِانْتِشَارِ من الْمَرْأَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْخِلَافَ في الْخُنْثَى مُطْلَقًا. وَلِذَلِكَ ذَكَرُوا الْمَسْأَلَةَ من غَيْرِ بِنَاءٍ فَقَالُوا لو ارْتَضَعَ من كَذَا وَكَذَا وَمِنْ خُنْثَى مُشْكِلٍ لم يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ. وقال ابن حَامِدٍ يُوقَفُ أَمْرُ الْخُنْثَى حتى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ. وَلِهَذَا قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَلَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ لَبَنِ رَجُلٍ وَخُنْثَى. وَقِيلَ يَقِفُ أَمْرُهُ حتى يَنْكَشِفَ. وَقِيلَ إنْ حَرُمَ لَبَنٌ بِغَيْرِ حَبَلٍ وَلَا وَطْءٍ فَفِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَجْهَانِ انْتَهَى. فَعَلَى قَوْل ابن حَامِدٍ يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَوْنُهُ رَجُلًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. قال في الْمُسْتَوْعِبِ فَيَكُونُ هذا الْوُقُوفُ عن الْحُكْمِ بِالْبُنُوَّةِ وَالْأُخُوَّةِ من الرَّضَاعِ يُوجِبُ تَحْرِيمًا في الْحَالِ من حَيْثُ الشُّبْهَةُ وَإِنْ لم تَثْبُتْ الْأُخُوَّةُ حَقِيقَةً كَاشْتِبَاهِ أُخْتِهِ بِأَجَانِبَ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَعَلَى قَوْل ابن حَامِدٍ لَا تَحْرِيمَ في الْحَالِ وَإِنْ أَيِسُوا منه بِمَوْتٍ أو غَيْرِهِ فَلَا تَحْرِيمَ. قَوْلُهُ وَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِالرَّضَاعِ إلَّا بِشَرْطَيْنِ. أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْتَضِعَ في الْعَامَيْنِ فَلَوْ ارْتَضَعَ بَعْدَهُمَا بِلَحْظَةٍ لم تَثْبُتْ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ. وقال أبو الْخَطَّابِ لو ارْتَضَعَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ بِسَاعَةٍ لم يَحْرُمْ. وقال الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ لو شَرَعَ في الْخَامِسَةِ فَحَالَ الْحَوْلُ قبل كَمَالِهَا لم يَثْبُتْ التَّحْرِيمُ. قال الْمُصَنِّفُ وَلَا يَصِحُّ هذا لِأَنَّ ما وُجِدَ من الرَّضْعَةِ في الْحَوْلَيْنِ لَبَنٌ كَافٍ في التَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ ما لو انْفَصَلَ مِمَّا بَعْدَهُ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ بِالرَّضَاعِ إلَى الْفِطَامِ وَلَوْ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ أو قَبْلَهُمَا. فَأَنَاطَ الْحُكْمَ بِالْفِطَامِ سَوَاءٌ كان قبل الْحَوْلَيْنِ أو بَعْدَهُ. وَاخْتَارَ أَيْضًا ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ بِالرَّضَاعِ وَلَوْ كان الْمُرْتَضِعُ كَبِيرًا لِلْحَاجَةِ نحو كَوْنِهِ مُحَرَّمًا لِقِصَّةِ سَالِمِ مولى أبي حُذَيْفَةَ رضي اللَّهُ عنه مع زَوْجَةِ أبي حُذَيْفَةَ رضي اللَّهُ عنهما.
فائدة: لو أُكْرِهَتْ على الرَّضَاعِ ثَبَتَ حُكْمُهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ مَحَلَّ وِفَاقٍ. قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَرْتَضِعَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ. قال الْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ وَغَيْرِهِ هذا الْمَذْهَبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ هو مُخْتَارُ أَصْحَابِهِ مُتَقَدِّمُهُمْ وَمُتَأَخِّرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ ثَلَاثٌ يَحْرُمْنَ وَعَنْهُ وَاحِدَةٌ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْهِدَايَةِ. قَوْلُهُ وَمَتَى أَخَذَ الثَّدْيَ فَامْتَصَّ منه ثُمَّ تَرَكَهُ أو قُطِعَ عليه فَهِيَ رَضْعَةٌ فَمَتَى عَادَ فَهِيَ رَضْعَةٌ أُخْرَى بَعُدَ ما بَيْنَهُمَا أو قَرُبَ وَسَوَاءٌ تَرَكَهُ شِبَعًا أو لِأَمْرٍ يُلْهِيه أو لِانْتِقَالِهِ من ثَدْيٍ إلَى غَيْرِهِ أو من امْرَأَةٍ إلَى غَيْرِهَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ. وقال ابن حَامِدٍ إنْ لم يَقْطَعْ بِاخْتِيَارِهِ فَهُمَا رَضْعَةٌ إلَّا أَنْ يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا. وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ أَنَّهُ لو قَطَعَ بِاخْتِيَارِهِ لِتَنَفُّسٍ أو إعْيَاءٍ يَلْحَقُهُ ثُمَّ عَادَ ولم يَطُلْ الْفَصْلُ فَهِيَ رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ. قال وَلَوْ انْتَقَلَ من ثَدْيٍ إلَى آخَرَ ولم يَطُلْ الْفَصْلُ فَإِنْ كان من امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فَهِيَ رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كان من امْرَأَتَيْنِ فَوَجْهَانِ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ. وقال ابن أبي مُوسَى حَدُّ الرَّضْعَةِ أَنْ يَمْتَصَّ ثُمَّ يُمْسِكَ عن امْتِصَاصِ لِتَنَفُّسٍ أو غَيْرِهِ سَوَاءٌ خَرَجَ الثَّدْيُ من فَمِهِ أو لم يَخْرُجْ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَعَنْهُ رَضْعَةٌ إنْ تَرَكَهُ عن قَهْرٍ أو لِتَنَفُّسٍ أو مَلَلٍ. وَقِيلَ إنْ انْتَقَلَ من ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ آخَرَ أو إلَى مُرْضِعَةٍ أُخْرَى فَرَضْعَتَانِ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. قال في الرِّعَايَتَيْنِ فَإِنْ قَطَعَ الْمَصَّةَ لِلتَّنَفُّسِ أو ما أَلْهَاهُ أو قَطَعَتْ عليه الْمُرْضِعَةُ قَهْرًا فَرَضْعَةٌ وَعَنْهُ لَا. وإذا انْتَقَلَ من ثَدْيٍ إلَى آخَرَ أو إلَى مُرْضِعَةٍ أُخْرَى فَرَضْعَتَانِ على الْأَصَحِّ. قال في الْوَجِيزِ فَإِنْ قَطَعَ الْمَصَّةَ لِتَنَفُّسٍ أو شِبَعٍ أو أَمْرٍ أَلْهَاهُ أو قَطَعَتْ عليه الْمُرْضِعَةُ قَهْرًا فَرَضْعَةٌ. فَإِنْ انْتَقَلَ إلَى ثَدْيٍ آخَرَ أو مُرْضِعَةٍ أُخْرَى فَثِنْتَانِ قَرُبَ ما بَيْنَهُمَا أو بَعُدَ. قَوْلُهُ وَالسَّعُوطُ وَالْوَجُورُ كَالرَّضَاعِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ. قال في الْفُرُوعِ وَالسَّعُوطُ وَالْوَجُورُ كَالرَّضَاعِ على الْأَصَحِّ. قال النَّاظِمُ هو كَالرَّضَاعِ في الْأَصَحِّ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ. قال في الرِّعَايَتَيْنِ فَرَضَاعٌ على الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِهِمَا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ والمذهب [المذهب] وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ. قَوْلُهُ وَيُحَرِّمُ لَبَنُ الْمَيِّتَةِ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عليه أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا كَحَلْبِهِ من حَيَّةٍ ثُمَّ شَرِبَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا بِلَا خِلَافٍ فيه. وقال أبو بَكْرٍ الْخَلَّالُ لَا يُحَرِّمُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْمُسْتَوْعِبُ وَالْفُرُوعُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَذَكَرَه ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً.
فائدة: لو حَلَفَ لَا شَرِبْتُ من لَبَنِ هذه الْمَرْأَةِ فَشَرِبَ من لَبَنِهَا وَهِيَ مَيِّتَةٌ حَنِثَ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ. قَوْلُهُ وَاللَّبَنُ الْمَشُوبُ. يَعْنِي يُحَرِّمُ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وهو الْمَذْهَبُ. قال في الْفُرُوعِ فَيَحْرُمُ لَبَنٌ شِيبَ بِغَيْرِهِ على الْأَصَحِّ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا. وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَيَأْتِي بِنَاءُ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ على مَاذَا قَرِيبًا. وقال ابن حَامِدٍ إنْ غَلَبَ اللَّبَنُ حَرَّمَ وَإِلَّا فَلَا. وَذَكَرَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ. وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ الصَّغِيرِ.
تَنْبِيهَاتٌ: أحدها مَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ فيما [فما] إذَا كانت صِفَاتُ اللَّبَنِ بَاقِيَةً. فَأَمَّا إنْ صُبَّ في مَاءٍ كَثِيرٍ لم يَتَغَيَّرْ بِهِ لم يَثْبُتْ بِهِ التَّحْرِيمُ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ فإنه قال وَقِيلَ بَلْ وَإِنْ لم يُغَيِّرْهُ. وَعِنْدَ الْقَاضِي يَجْرِي الْخِلَافُ فيه لَكِنْ بِشَرْطِ شُرْبِ الْمَاءِ كُلِّهِ وَلَوْ في دَفَعَاتٍ وَتَكُونُ رَضْعَةً وَاحِدَةً ذَكَرَهُ في خِلَافِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ. الثَّانِي قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اللَّبَنَ الْمَشُوبَ وَلَبَنَ الْمَيِّتَةِ وقال أبو بَكْرٍ لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِهِمَا ظَاهِرٌ أَنَّهُ قَوْلُ أبي بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ غُلَامِ الْخَلَّالِ وَأَنَّهُ اخْتَارَ عَدَمَ ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ بِهِمَا. وَالْحَالُ أَنَّ الْأَصْحَابَ إنَّمَا حَكَوْا عَدَمَ تَحْرِيمِ لَبَنِ الْمَيِّتَةِ عن أبي بَكْرٍ الْخَلَّالِ وَعَدَمَ تَحْرِيمِ اللَّبَنِ الْمَشُوبِ عن أبي بَكْرِ عبد الْعَزِيزِ فَظَاهِرُهُ التَّعَارُضُ. فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قد اطَّلَعَ الْمُصَنِّفُ على نَقْلٍ لِأَبِي بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ في الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قد حَصَلَ وَهْمٌ في ذلك ولم أَرَ من نَبَّهَ على ذلك. الثَّالِثُ بَنَى الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ الْخِلَافَ في التَّحْرِيمِ في اللَّبَنِ الْمَشُوبِ على الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ بِالسَّعُوطِ وَالْوَجُورِ. قال الزَّرْكَشِيُّ وَمِنْ ثَمَّ قال أبو بَكْرٍ قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ هُنَا أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ لِأَنَّهُ وَجُورٌ.
فائدة: يُحَرِّمُ الْجُبْنُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ لَا يُحَرِّمُ. قَوْلُهُ وَالْحُقْنَةُ لَا تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ نَصَّ عليه. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ إنْشَازُ الْعَظْمِ وَإِنْبَاتُ اللَّحْمِ لِحُصُولِهِ في الْجَوْفِ بِخِلَافِ الْحُقْنَةِ بِالْخَمْرِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ. وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وقال ابن حَامِدٍ تَنْشُرُهَا وَحَكَاهُ رِوَايَةً وَاخْتَارَه ابن أبي مُوسَى.
فائدة: لَا أَثَرَ لِلْوَاصِلِ إلَى الْجَوْفِ الذي لَا يغذى كَالذَّكَرِ وَالْمَثَانَةِ. قَوْلُهُ وإذا تَزَوَّجَ كَبِيرَةً ولم يَدْخُلْ بها وَثَلَاثَ صَغَائِرَ فَأَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ إحْدَاهُنَّ في الْحَوْلَيْنِ حَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ على التَّأْبِيدِ. لِأَنَّهَا صَارَتْ من أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَثَبَتَ نِكَاحُ الصُّغْرَى لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ ولم يَدْخُلْ بِأُمِّهَا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وابن عَقِيلٍ. قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذه الرِّوَايَةُ أَصَحُّ. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ. وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا. وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا. يَعْنِي الصُّغْرَى لِأَنَّهُمَا صَارَا أُمًّا وَبِنْتًا وَاجْتَمَعَا في نِكَاحِهِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُحَرَّمٌ فَانْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا كما لو كَانَا أُخْتَيْنِ وَكَمَا لو عَقَدَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ الرَّضَاعِ عَقْدًا وَاحِدًا. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْضَعَتْ اثْنَتَيْنِ مُنْفَرِدَتَيْنِ انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا على الرِّوَايَةِ الْأُولَى. وهو الْمَذْهَبُ كَإِرْضَاعِهِمَا مَعًا. وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأُولَى وَيَثْبُتُ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْضَعَتْ الثَّلَاثَ مُتَفَرِّقَاتٍ انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَتَيْنِ وَثَبَتَ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ على الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْجَمِيعِ.
فائدة: لو أَرْضَعَتْ الثَّلَاثَةَ أَجْنَبِيَّةٌ في حَالَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ حَلَبَتْهُ في ثَلَاثِ أَوَانٍ وَأَوْجَرَتْهُنَّ في حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يُتَصَوَّرُ في غَيْرِ ذلك انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ. وَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَتَيْنِ ولم يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ.
تنبيه: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا سقط [يسقط] مَهْرُهَا إذَا كان الْإِفْسَادُ قبل الدُّخُولِ وهو وَاضِحٌ. وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ ذلك وَلَوْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا لم يَسْقُطْ مَهْرُهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ. إذَا كان الْإِفْسَادُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِدَلِيلِ ما قبل ذلك وما بَعْدَهُ من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وهو وَاضِحٌ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ وَكُلُّ من أَفْسَدَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ بِرَضَاعٍ قبل الدُّخُولِ فإن الزَّوْجَ يَرْجِعُ عليه بِنِصْفِ مَهْرِهَا الذي يَلْزَمُهُ لها بِلَا نِزَاعٍ. قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَلَهُ ثَلَاثَةُ مَآخِذَ. أَحَدُهَا أَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ من الزَّوْجِ مُتَقَوِّمٌ فَيَتَقَوَّمُ بِنِصْفِ الْمُسَمَّى. وَقِيلَ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ. وَالثَّانِي ليس بِمُتَقَوِّمٍ لَكِنَّ الْمُفْسِدَ قَرَّرَ على الزَّوْجِ هذا النِّصْفَ. وَالثَّالِثُ أَنَّ الْمَهْرَ كُلَّهُ يَسْقُطُ بِالْفُرْقَةِ وَيَجِبُ لها نِصْفُهُ وُجُوبًا مُبْتَدَأً بِالْفُرْقَةِ التي اسْتَقَلَّ بها الْأَجْنَبِيُّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَفِيهِ بُعْدٌ انْتَهَى. الثَّانِيَةُ قال في أَوَّلِ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ خُرُوجُ الْبُضْعِ من الزَّوْجِ هل هو مُتَقَوِّمٌ أَمْ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ هل يَلْزَمُ الْمُخْرِجَ له قَهْرًا ضَمَانُهُ لِلزَّوْجِ بِالْمَهْرِ فيه قَوْلَانِ في الْمَذْهَبِ. وَيُذْكَرَانِ رِوَايَتَانِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ كَالْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ يَقُولُونَ ليس بِمُتَقَوِّمٍ وَخَصُّوا هذا الْخِلَافَ بِمَنْ عَدَا الزَّوْجَةَ فَقَالُوا لَا يَضْمَنُ الزَّوْجُ شيئا بِغَيْرِ خِلَافٍ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ عليها أَيْضًا وَحَكَاهُ قَوْلًا في الْمَذْهَبِ. وَيَتَخَرَّجُ على هذه الْمَسْأَلَةِ جَمِيعُ الْمَسَائِلِ التي يَحْصُلُ بها الْفَسْخُ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا سَقَطَ مَهْرُهَا بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كان بَعْدَ الدُّخُولِ وَجَبَ لها مَهْرُهَا يَعْنِي إذَا أَفْسَدَهُ غَيْرُهَا ولم يَرْجِعْ بِهِ على أَحَدٍ. هذا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَجْدِ في مُحَرَّرِهِ وَصَاحِبِ الْحَاوِي. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَه ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ. قال في الْقَوَاعِدِ وَاخْتَارَهُ طَائِفَةٌ من الْمُتَأَخِّرِينَ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ أَيْضًا وَرَوَاهُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ. وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ بن الْقَاسِمِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. وَاعْتَبَرَ ابن أبي موسى لِلرُّجُوعِ الْعَمْدَ وَالْعِلْمَ بِحُكْمِهِ. وَقَاسَ في الْوَاضِحِ النَّائِمَةَ على الْمُكْرَهَةِ. قَوْلُهُ وَلَوْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا لم يَسْقُطْ مَهْرُهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قال الْمُصَنِّفُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا بَيْنَهُمْ في ذلك. قُلْت لو خَرَجَ السُّقُوطُ من الْمَنْصُوصِ في التي قَبْلَهَا لَكَانَ مُتَّجِهًا. وَحَكَى في الْفُرُوعِ عن الْقَاضِي أنها إذَا أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ نِصْفُ الْمُسَمَّى وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ. ثُمَّ رَأَيْته في الْقَوَاعِدِ حَكَى أَنَّهُ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْضَعَتْ امْرَأَتُهُ الْكُبْرَى الصُّغْرَى فَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ الصُّغْرَى يَرْجِعُ بِهِ على الْكُبْرَى بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ وَلَا مَهْرَ لِلْكُبْرَى إنْ كان لم يَدْخُلْ بها بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كان دخل بها فَعَلَيْهِ صَدَاقُهَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَيَأْتِي هُنَا ما خَرَّجْنَاهُ في التي قَبْلَهَا. وَيَأْتِي في قَوْلِ الْقَاضِي الذي ذُكِرَ قَبْلُ من وُجُوبِ نِصْفِ الْمُسَمَّى فَقَطْ هُنَا. قَوْلُهُ وَإِنْ كانت الصُّغْرَى هِيَ التي دَبَّتْ إلَى الْكُبْرَى وَهِيَ نَائِمَةٌ. فَارْتَضَعَتْ منها فَلَا مَهْرَ لها وَيَرْجِعُ عليها بِنِصْفِ مَهْرِ الْكُبْرَى إنْ كان لم يَدْخُلْ بها وَبِجَمِيعِهِ إنْ كان دخل بها على قَوْلِ الْقَاضِي. وهو الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ بن الْقَاسِمِ كما تَقَدَّمَ. وَعَلَى ما اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا لَا يَرْجِعُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِشَيْءٍ. وَتَقَدَّمَ أَيْضًا قَوْل ابن أبي مُوسَى وَاشْتِرَاطُهُ لِلرُّجُوعِ الْعَمْدَ وَالْعِلْمَ بِحُكْمِهِ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ صَاحِبَ الْوَاضِحِ قَاسَ النَّائِمَةَ على الْمُكْرَهَةِ فإن الْحُكْمَ في هذا كُلِّهِ وَاحِدٌ.
فائدة: حَيْثُ أَفْسَدَ نِكَاحَ الْمَرْأَةِ فَلَهَا الْأَخْذُ مِمَّنْ أَفْسَدَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ مَتَى خَرَجَتْ منه بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بِإِفْسَادِهَا أَوَّلًا أو بِيَمِينِهِ لَا تَفْعَلْ شيئا فَفَعَلَتْهُ فَلَهُ مَهْرُهُ. وَذَكَرَهُ رِوَايَةً كَالْمَفْقُودِ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ الْمَهْرَ بِسَبَبٍ هو تَمْكِينُهَا من وَطْئِهَا وَضَمِنَتْهُ بِسَبَبٍ هو إفْسَادُهَا. وَاحْتَجَّ بِالْمُخْتَلِعَةِ التي تَسَبَّبَتْ إلَى الْفُرْقَةِ. قَوْلُهُ وَلَوْ كان لِرَجُلٍ خَمْسُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ لَهُنَّ لَبَنٌ منه فَأَرْضَعْنَ امْرَأَةً له أُخْرَى كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَضْعَةً حَرُمَتْ عليه في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ولم تَحْرُمْ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ وهو الْمَذْهَبُ. قال النَّاظِمُ هذا الْأَقْوَى. وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَاخْتَارَه ابن حَامِدٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَحْرُمُ عليه. قال في الْهِدَايَةِ هو قَوْلُ غَيْرِ ابن حامد. وأطلقهما في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْمُذْهَبِ. وَأَمَّا أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ فَلَا يَحْرُمْنَ إلَّا إذَا قُلْنَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِرَضْعَةٍ. قَوْلُهُ وَلَوْ كان له ثَلَاثُ نِسْوَةٍ لَهُنَّ لَبَنٌ منه فَأَرْضَعْنَ امْرَأَةً له صُغْرَى كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَضْعَتَيْنِ لم تَحْرُمْ الْمُرْضِعَاتُ وَهَلْ تَحْرُمُ الصُّغْرَى على وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا تَحْرُمُ وَتَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ. وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَحْرُمُ عليه فَلَا تَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ كما لَا تَثْبُتُ الْأُمُومَةُ.
تنبيه: قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِهَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِنَّ على قَدْرِ رَضَاعِهِنَّ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ أَخْمَاسًا. فَيَلْزَمُ الْأُولَى خُمُسُ الْمَهْرِ لِأَنَّهُ وُجِدَ منها رَضْعَتَانِ وَالثَّانِيَةَ كَذَلِكَ وَعَلَى الثَّالِثَةِ نِصْفُ الْخُمُسِ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ كَمُلَ بِالرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ.
فوائد: الْأُولَى لو أَرْضَعَتْ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ الْخَمْسُ طِفْلًا كُلُّ وَاحِدَةٍ رَضْعَةً لم يَصِرْنَ أُمَّهَاتٍ له وَصَارَ الْمَوْلَى أَبًا له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ لَبَنُهُ وَهُنَّ كَالْأَوْعِيَةِ. وَقِيلَ لَا تَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ أَيْضًا. الثَّانِيَةُ لو كان له خَمْسُ بَنَاتٍ فَأَرْضَعْنَ طِفْلًا كُلُّ وَاحِدَةٍ رَضْعَةً لم يَصِرْنَ أُمَّهَاتٍ له وَهَلْ يَصِيرُ الرَّجُلُ جَدًّا له وَأَوْلَادُهُ أَخْوَالَهُ وَخَالَاتِهِ على وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. أَحَدُهُمَا لَا يَصِيرُ كَذَلِكَ لِأَنَّ ذلك فَرْعُ الْأُمُومَةِ لِأَنَّ اللَّبَنَ ليس له وَالتَّحْرِيمُ هُنَا بين الْمُرْضِعَةِ وَابْنِهَا بِخِلَافِ الْأَوْلَى لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فيها بين الْمُرْتَضِعِ وَصَاحِبِ اللَّبَنِ. قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَهَذَا الْوَجْهُ يَتَرَجَّحُ في هذه الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ الْفَرْعِيَّةَ مُتَحَقِّقَةٌ بِخِلَافِ التي قَبْلَهَا. وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِيرُ جَدًّا له وَأَوْلَادُهُ أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ لِوُجُودِ الرَّضَاعِ مِنْهُنَّ كَبِنْتٍ وَاحِدَةٍ. فَعَلَى هذا الْوَجْهِ وهو أَنَّهُ يَصِيرُ أَخُوهُنَّ خَالًا لَا تَثْبُتُ الْخُئُولَةُ في حَقِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ لم يَرْتَضِعْ من بن أَخَوَاتِهَا خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَلَكِنْ يَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ لِأَنَّهُ قد اجْتَمَعَ من اللَّبَنِ الْمُحَرَّمِ خَمْسُ رَضَعَاتٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. وَلَوْ كَمُلَ لِلطِّفْلَةِ خَمْسُ رَضَعَاتٍ من أُمِّ رَجُلٍ وَأُخْتِهِ وَابْنَتِهِ وَزَوْجَتِهِ وَزَوْجَةِ ابْنِهِ من كل وَاحِدَةٍ رَضْعَةً خَرَجَ على الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. وقال في الْفُرُوعِ لم يَحْرُمْ على الرَّجُلِ في الْأَصَحِّ لِمَا سَبَقَ. وهو ظَاهِرُ ما رَجَّحَهُ الشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فقال لم تَحْرُمْ إنْ لم تُحَرِّمْ الرَّضْعَةُ. وَقِيلَ تُحَرِّمُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. الثَّالِثَةُ لو أَرْضَعَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ خَمْسٌ بَنَاتُ زَوْجَتِهِ رَضْعَةً رَضْعَةً فَلَا أُمُومَةَ وَتَصِيرُ أُمُّهُنَّ جَدَّةً. قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ لَا تَصِيرُ جَدَّةً وَرَجَّحَهُ في الْمُغْنِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَلَوْ كان لِامْرَأَةٍ لَبَنٌ من زَوْجٍ فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا ثَلَاثَ رَضَعَاتٍ وَانْقَطَعَ لَبَنُهَا فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ فَصَارَ لها منه لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ منه الطِّفْلَ رَضْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ صَارَتْ أُمًّا له بِلَا خِلَافٍ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْخَمْسَ مُحَرَّمَاتٍ ولم يَصِرْ وَاحِدٌ من الزَّوْجَيْنِ أَبًا له لِأَنَّهُ لم يُكْمِلْ عَدَدَ الرَّضَاعَاتِ من لَبَنِهِ وَيَحْرُمُ على الرَّجُلَيْنِ لِكَوْنِهِ رَبِيبَهُمَا لَا لِكَوْنِهِ وَلَدَهُمَا. قَوْلُهُ فَإِنْ كان لِرَجُلٍ ثَلَاثَ بَنَاتِ امْرَأَةٍ لَهُنَّ لَبَنٌ فَأَرْضَعْنَ ثَلَاثَ نِسْوَةٍ له صِغَارًا حَرُمَتْ الْكُبْرَى وَإِنْ كان دخل بها حَرُمَ الصِّغَارُ أَيْضًا لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا. قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَدْخُلْ بها فَهَلْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ من كَمُلَ رِضَاعُهَا أولا على رِوَايَتَيْنِ. بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِيمَا إذَا أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكُبْرَى زَوْجَتَهُ الصُّغْرَى فإن الْكُبْرَى تَحْرُمُ وَهَلْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الصُّغْرَى على رِوَايَتَيْنِ تَقَدَّمَتَا. وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَذْهَبَ لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الصُّغْرَى. وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ لم يَدْخُلْ بها بَطَلَ نِكَاحُهُنَّ على الْأَصَحِّ. وَقِيلَ نِكَاحُ من كَمُلَ رِضَاعُهَا. قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْضَعْنَ وَاحِدَةً كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَضْعَتَيْنِ فَهَلْ تَحْرُمُ الْكُبْرَى بِذَلك على وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَشَرْحِ ابن منجا. أَحَدُهُمَا لَا تَحْرُمُ وهو الصَّحِيحُ. قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْكَبِيرَةَ لَا تَحْرُمُ بهذا. قال الشَّارِحُ وَهَذَا أَوْلَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَحْرُمُ. قال النَّاظِمُ وهو الْأَقْوَى. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي. قَوْلُهُ وإذا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَلَهَا منه لَبَنٌ فَتَزَوَّجَتْ بِصَبِيٍّ فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا منه وَحَرُمَتْ عليه وَعَلَى الْأَوَّلِ أَبَدًا لِأَنَّهَا صَارَتْ من حَلَائِلِ أَبْنَائِهِ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ الصَّبِيَّ أَوَّلًا ثُمَّ فَسَخَتْ نِكَاحَهُ لِعَيْبٍ. وَكَذَا لو طَلَّقَ وَلِيُّهُ وَقُلْنَا يَصِحُّ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ كَبِيرًا فَصَارَ لها منه لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ بِهِ الصَّبِيَّ حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا على الْأَبَدِ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. أَمَّا الْكَبِيرُ فَلِأَنَّهَا حَلِيلَةُ ابْنِهِ من الرَّضَاعِ. وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَلِأَنَّهَا أُمُّهُ من الرَّضَاعِ وَلِأَنَّهَا زَوْجَةُ أبيه أَيْضًا. قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ طَرَأَ لِرَضَاعِ أَجْنَبِيٍّ. قال وَكَذَلِكَ لو زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدٍ له يَرْضِعُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِمَنْ أَوْلَدَهَا فَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِ هذا الْوَلَدِ زَوْجَهَا الْمَعْتُوقَ حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا جميعا لَمَا ذَكَرْنَا. قُلْت فَيُعَايَى بها.
تنبيه: حَكَى في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ قال وَكَذَا إنْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا بِحُرٍّ رَضِيعٍ فَأَرْضَعَتْهُ ما حَرَّمَهَا. وَحَكَاهُ في الْكُبْرَى قَوْلًا. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذلك خَطَأٌ لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ لِلْحُرِّ لَا يَصِحُّ إلَّا بِشَرْطَيْنِ كما تَقَدَّمَ في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ وَلَيْسَا مَوْجُودَيْنِ في هذا الطِّفْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ وإذا شَكَّ في الرَّضَاعِ أو عَدَدِهِ بَنَى على الْيَقِينِ بِلَا نِزَاعٍ. وَقَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ بِهِ امْرَأَةٌ مَرْضِيَّةٌ ثَبَتَ بِشَهَادَتِهَا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ أنها إنْ كانت مَرْضِيَّةً اُسْتُحْلِفَتْ فَإِنْ كانت كَاذِبَةً لم يَحُلْ الْحَوْلُ حتى يَبْيَضَّ ثَدْيَاهَا. وَذَهَبَ في ذلك إلَى قَوْل ابن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما. وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ. قَوْلُهُ وإذا تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ قال قبل الدُّخُولِ هِيَ أُخْتِي من الرَّضَاعِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَلَا مَهْرَ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. قَوْلُهُ وَإِنْ قال ذلك بَعْدَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَهَا الْمَهْرُ بِكُلِّ حَالٍ. يَعْنِي إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وقال بَعْدَ الدُّخُولِ هِيَ أُخْتِي من الرَّضَاعِ فإن النِّكَاحَ يَنْفَسِخُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ لها الْمَهْرَ سَوَاءٌ صَدَّقَتْهُ أو كَذَّبَتْهُ. وهو مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهَا الْمَهْرُ بِكُلِّ حَالٍ. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ يَسْقُطُ بِتَصْدِيقِهَا له. قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ يَسْقُطُ الْمُسَمَّى فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. لَكِنْ قال في الرَّوْضَةِ لَا مَهْرَ لها عليه.
تنبيه: مَحَلُّ هذا في الْحُكْمِ. أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَيَنْبَنِي ذلك على عِلْمِهِ وَتَصْدِيقِهِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ كما قال فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عليه وَإِنْ عَلِمَ كَذِبَ نَفْسِهِ فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ وَإِنْ شَكَّ في ذلك لم يَزُلْ عن الْيَقِينِ بِالشَّكِّ هذا الْمَذْهَبُ. وَقِيلَ في حِلِّهَا له إذَا عَلِمَ كَذِبَ نَفْسِهِ رِوَايَتَانِ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَالَا وَالصَّحِيحُ ما قُلْنَاهُ أَوَّلًا. قَوْلُهُ وَإِنْ كانت هِيَ التي قالت هو أَخِي من الرَّضَاعِ وَأَكْذَبَهَا فَهِيَ زَوْجَتُهُ في الْحُكْمِ بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ إنْ كان قَوْلُهَا قبل الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لها. وَإِنْ كان بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنْ أَقَرَّتْ بِأَنَّهَا كانت عَالِمَةً بِأَنَّهَا أُخْتُهُ وَبِتَحْرِيمِهَا عليه وَطَاوَعَتْهُ في الْوَطْءِ فَلَا مَهْرَ لها أَيْضًا. وَإِنْ أَنْكَرَتْ شيئا من ذلك فَلَهَا الْمَهْرُ لِأَنَّهُ وَطْءٌ بِشُبْهَةٍ وَهِيَ زَوْجَتُهُ في ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ. فَإِنْ عَلِمَتْ صِحَّةَ ما أَقَرَّتْ بِهِ لم يَحِلَّ لها مُسَاكَنَتُهُ وَلَا تَمْكِينُهُ من وَطْئِهَا وَعَلَيْهَا أَنْ تَفِرَّ منه وَتَفْتَدِيَ نَفْسَهَا كما قُلْنَا في التي عَلِمَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَنْكَرَ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ لها من الْمَهْرِ بَعْدَ الدُّخُولِ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ من الْمُسَمَّى أو مَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ وَلَوْ قال الزَّوْجُ هِيَ ابْنَتِي من الرَّضَاعِ وَهِيَ في سِنِّهِ أو أَكْبَرَ منه لم تَحْرُمْ لِتَحَقُّقِنَا كَذِبَهُ بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ منه فَكَمَا لو قال هِيَ أُخْتِي من الرَّضَاعَةِ على ما تَقَدَّمَ.
فائدة: لو ادَّعَى الْأُخُوَّةَ أو الْبُنُوَّةَ وَكَذَّبَتْهُ لم تُقْبَلْ شَهَادَةُ أُمِّهِ وَلَا ابْنَتِهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أُمِّهَا وَابْنَتِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ. وَإِنْ ادَّعَتْ ذلك الْمَرْأَةُ وَكَذَّبَهَا فَشَهِدَتْ بِهِ أُمُّهَا أو ابْنَتُهَا لم تُقْبَلْ وَإِنْ شَهِدَتْ أُمُّهُ أو ابْنَتُهُ قُبِلَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ. وفي التَّرْغِيبِ لو شَهِدَ بها أَبُوهَا لم يُقْبَلْ بَلْ أَبُوهُ يَعْنِي بِلَا دَعْوَى.
فائدة: أُخْرَى لو ادَّعَتْ أَمَةٌ أُخُوَّةَ سَيِّدٍ بَعْدَ وَطْءٍ لم تُقْبَلْ وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيه أَظْهَرُهُمَا الْقَبُولُ في تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَعَدَمُهُ في ثُبُوتِ الْعِتْقِ. وَتُشْبِهُ الْمَسْأَلَةَ السَّابِقَةَ في الِاسْتِبْرَاءِ إذَا ادَّعَتْ أَمَةٌ مَوْرُوثَةٌ تَحْرِيمَهَا على وَارِثٍ. قَوْلُهُ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لها لَبَنٌ من زَوْجٍ قَبْلَهُ فَحَمَلَتْ ولم يَزِدْ لَبَنُهَا فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ زَادَ لَبَنُهَا فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا صَارَ ابْنًا لَهُمَا بِلَا نِزَاعٍ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لَكِنْ إنْ كانت الزِّيَادَةُ في غَيْرِ أَوَانِهَا فَهُوَ لِلْأَوَّلِ بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لو لم تَحْمِلْ وزاد بِالْوَطْءِ. قَوْلُهُ وَإِنْ انْقَطَعَ لَبَنُ الْأَوَّلِ ثُمَّ ثَابَ بِحَمْلِهَا من الثَّانِي فَكَذَلِكَ عِنْدَ أبي بَكْرٍ. يَعْنِي أَنَّهُ يَصِيرُ ابْنًا لَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ. وَجَزَمَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ وَنَصَرَهُ. وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ هو بن لِلثَّانِي وَحْدَهُ وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي. وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْمُذْهَبِ وَالْحَاوِي وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَتَقَدَّمَ اسْتِحْبَابُ إعْطَاءِ الظِّئْرِ عِنْدَ الْفِطَامِ عَبْدًا أو أَمَةً إذَا كان الْمُسْتَرْضِعُ مُوسِرًا في بَابِ الْإِجَارَةِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا مَتَى وَلَدَتْ فَاللَّبَنُ الثَّانِي وَحْدَهُ إلَّا إذَا لم يَزِدْ لَبَنُهَا ولم يَنْقُصْ من الْأَوَّلِ حتى وَلَدَتْ فإنه يَكُونُ لَهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَّ عليه. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لِلثَّانِي كما لو زَادَ. جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَحَكَاه ابن الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا. الثَّانِيَةُ كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَرْضِعَ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ فَاجِرَةً أو مُشْرِكَةً وَكَذَا حَمْقَاءُ أو سَيِّئَةُ الْخُلُقِ. وفي الْمُجَرَّدِ وَبَهِيمَةٌ وفي التَّرْغِيبِ وَعَمْيَاءُ. قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَحَكَى الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ أَنَّ من ارْتَضَعَ من أَمَةٍ حَمْقَاءَ خَرَجَ الْوَلَدُ أَحْمَقُ وَمَنْ ارْتَضَعَ من سَيِّئَةِ الْخُلُقِ تَعَدَّى إلَيْهِ وَمَنْ ارْتَضَعَ من بَهِيمَةٍ كان بِهِ بَلَادَةُ الْبَهِيمَةِ انْتَهَى. قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيه وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ من جَذْمَاءَ أو بَرْصَاءَ انْتَهَى. قُلْت الصَّوَابُ الْمَنْعُ من ذلك.
قَوْلُهُ يَجِبُ على الرَّجُلِ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ ما لَا غِنَى لها عنه وَكِسْوَتُهَا بِالْمَعْرُوفِ وَمَسْكَنُهَا بِمَا يَصْلُحُ لِمِثْلِهَا وَلَيْسَ ذلك مُقَدَّرًا لَكِنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِحَالِ الزَّوْجَيْنِ. وَقَوْلُهُ فَإِنْ تَنَازَعَا فيها رَجَعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ فَيَفْرِضُ لِلْمُوسِرَةِ تَحْتَ الْمُوسِرِ قَدْرَ كِفَايَتِهَا من أَرْفَعْ خُبْزِ الْبَلَدِ وَأَدَمِهِ الذي جَرَتْ عَادَةُ مِثْلِهَا بِأَكْلِهِ وما تَحْتَاجُ إلَيْهِ من الدُّهْنِ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَفْرِضُ لها لَحْمًا بِمَا جَرَتْ عَادَةُ الْمُوسِرِينَ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ وهو الصَّوَابُ وَبِهِ قَطَعَ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا وقال هو أَظْهَرُ. قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وهو الْأَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ. وَقِيلَ في كل جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ الْعَادَةُ لَكِنْ يُخَالِفُ في إدْمَانِهِ قال وَلَعَلَّ هذا مُرَادُهُمْ.
تنبيه: وَأَدَمُهُ الذي جَرَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا بِأَكْلِهِ. قال في الْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَلَوْ تَبَرَّمَتْ بِأَدَمٍ نَقَلَهَا إلَى أَدَمٍ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ وما يكتسى مِثْلُهَا بِهِ من جَيِّدِ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ وَالْخَزِّ. وهو الذي يُنْسَجُ من الصُّوفِ أو الْوَبَرِ مع الْحَرِيرِ. وَالْإِبْرَيْسِمِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ. وَأَقَلُّهُ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَوِقَايَةٌ وَمُقَنِّعَةٌ وَمَدَاسٌ وَجُبَّةٌ في الشِّتَاءِ وَلِلنَّوْمِ الْفِرَاشُ وَاللِّحَافُ وَالْمِخَدَّةُ. بِلَا نِزَاعٍ زَادَ في التَّبْصِرَةِ وَالْإِزَارُ نَقَلَهُ عنه في الْفُرُوعِ. قُلْت وهو عَجِيبٌ منه لَكِنَّهُ خَصَّهُ بِصَاحِبِ التَّبْصِرَةِ فَقَدْ قَطَعَ بِذَلِكَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَمُرَادُهُمْ بِالْإِزَارِ الْإِزَارُ لِلنَّوْمِ. وَلِهَذَا قال في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ ذلك وَلَا يَجِبُ لها إزَارٌ لِلْخُرُوجِ. قَوْلُهُ وَلِلْفَقِيرَةِ تَحْتَ الْفَقِيرِ قَدْرُ كِفَايَتِهَا من أَدْنَى خُبْزِ الْبَلَدِ وَأَدَمِهِ وَدُهْنِهِ بِلَا نِزَاعٍ. قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ لَا يَقْطَعُهَا اللَّحْمَ فَوْقَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمْ يَأْكُلُ الرَّجُلُ اللَّحْمَ قال في أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَقِيلَ كُلُّ شَهْرٍ مَرَّةً. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ. وَقِيلَ يُرْجَعُ في ذلك إلَى الْعَادَةِ. قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. قال في الْبُلْغَةِ وَيُفْرَضُ لِلْفَقِيرَةِ تَحْتَ الْفَقِيرِ أَدْوَنَ خُبْزِ الْبَلَدِ وَمِنْ الْأُدْمِ ما يُنَاسِبُهُ وَكَذَلِكَ اللَّحْمُ انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُنَّ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ عن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه قال إيَّاكُمْ وَاللَّحْمَ فإن له ضَرَاوَةً كَضَرَاوَةِ الْخَمْرِ. قال إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ يَعْنِي إذَا أَكْثَرَ منه. قَوْلُهُ وَلِلْمُتَوَسِّطَةِ تَحْتَ الْمُتَوَسِّطِ أو إذَا كان أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا ما بين ذلك كُلٌّ على حَسَبِ عَادَتِهِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَكَوْنُ نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ مُعْتَبَرَةٌ بِحَالِ الزَّوْجَيْنِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الْوَاجِبَ عليه أَقَلُّ الْكِفَايَةِ وَأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ الزَّوْجِ. وَصَرَّحَ بِهِ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ. وَأَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ أَحْمَدَ بن سَعِيدٍ. وَأَوْمَأَ في رِوَايَةِ صَالِحٍ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِهَا. وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّرْغِيبِ لَا يَلْزَمُهُ خُفٌّ وَلَا مِلْحَفَةٌ. وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ عن الْقَاضِي لِمُوسِرَةٍ مع فَقِيرٍ أَقَلُّ كِفَايَةٍ وَالْبَقِيَّةُ في ذِمَّتِهِ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا.
فوائد: الْأُولَى لَا بُدَّ من مَاعُونِ الدَّارِ وَيُكْتَفَى بِخَزَفٍ وَخَشَبٍ وَالْعَدْلُ ما يَلِيقُ بِهِمَا قال النَّاظِمُ: وَمِنْ خَيْرٍ مَاعُونٌ لِحَاجَةِ مِثْلِهَا *** لِشُرْبٍ وَتَطْهِيرٍ وَأَكْلٍ فَعَدِّدْ الثَّانِيَةُ من نِصْفُهُ حُرٌّ إنْ كان مُعْسِرًا فَهُوَ مَعَهَا كَالْمُعْسِرِينَ وَإِنْ كان مُوسِرًا فَكَالْمُتَوَسِّطِينَ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ. وقال قُلْت وَالْمُوسِرُ من يَقْدِرُ على النَّفَقَةِ بِمَالِهِ أو كَسْبِهِ وَالْمُعْسِرُ من لَا يَقْدِرُ عليها لَا بِمَالِهِ وَلَا بِكَسْبِهِ. وَقِيلَ بَلْ من لَا شَيْءَ له وَلَا يَقْدِرُ عليه. وَالْمُتَوَسِّطُ من يَقْدِرُ على بَعْضِ النَّفَقَةِ بِمَالِهِ أو كَسْبِهِ. وقال قُلْت وَمِسْكِينُ الزَّكَاةِ مُعْسِرٌ وَمَنْ فَوْقَهُ إنْ كُلِّفَ أَكْثَرَ من نَفَقَةِ مِسْكِينٍ حتى صَارَ مِسْكِينًا فَهُوَ مُتَوَسِّطٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُعْسِرٌ انْتَهَى. الثَّالِثَةُ النَّفَقَةُ مُقَدَّرَةٌ بِالْكِفَايَةِ وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ من تَجِبُ عليه النَّفَقَةُ في مِقْدَارِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وقال الْقَاضِي الْوَاجِبُ مُقَدَّرٌ بِمِقْدَارٍ لَا يَخْتَلِفُ في الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ فَيَجِبُ لِكُلِّ يَوْمٍ رِطْلَانِ من الْخُبْزِ يَعْنِي بِالْعِرَاقِيِّ في حَقِّ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ اعْتِبَارًا بِالْكَفَّارَاتِ وَإِنَّمَا تَخْتَلِفَانِ في صِفَةِ جَوْدَتِهِ انْتَهَى. وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَيَجِبُ الدُّهْنُ بِحَسَبِ الْبَلَدِ. قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ ما يَعُودُ بِنَظَافَةِ الْمَرْأَةِ من الدُّهْنِ وَالسِّدْرِ وَثَمَنِ الْمَاءِ. وَكَذَا الْمُشْطُ وَأُجْرَةُ الْقِيمَةِ وَنَحْوُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي. وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ هُنَا. قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في بَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَإِنْ احْتَاجَتْ إلَى شِرَاءِ الْمَاءِ فَقِيمَتُهُ عليه. قال في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي في بَابِ الْغُسْلِ وَثَمَنُ مَاءِ الْغُسْلِ من الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةِ على الزَّوْجِ. وَقِيلَ على الْمَرْأَةِ. وفي الْوَاضِحِ وَجْهٌ لَا يَلْزَمُهُ ذلك. قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّ ما كان من تَنْظِيفٍ على مُكْتَرٍ كَرَشٍّ وَكَنْسٍ وَتَنْقِيَةِ الْآبَارِ وما كان من حِفْظِ الْبِنْيَةِ كَبِنَاءِ حَائِطٍ وَتَغْيِيرِ الْجِذْعِ على مُكْرٍ فَالزَّوْجُ كَمُكْرٍ وَالزَّوْجَةُ كَمُكْتَرٍ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِيمَا يَحْفَظُ الْبِنْيَةَ دَائِمًا من الطَّعَامِ فإنه يَلْزَمُ الزَّوْجَ انْتَهَى. وقال في الْفُرُوعِ في آخِرِ بَابِ الْغُسْلِ وَهَلْ ثَمَنُ الْمَاءِ على الزَّوْجِ أو عليها أو مَاءِ الْجَنَابَةِ فَقَطْ عليه أو عَكْسُهُ فيه أَوْجُهٌ وَمَاءُ الْوَضُوءِ كَالْجَنَابَةِ قَالَهُ أبو الْمَعَالِي. قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ شِرَاءُ ذلك لِرَقِيقِهِ وَلَا يَتَيَمَّمُ في الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ فَأَمَّا الطِّيبُ وَالْحِنَّاءُ وَالْخِضَابُ وَنَحْوُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ. أَمَّا الْحِنَّاءُ وَالْخِضَابُ وَنَحْوُهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ. وَأَمَّا الطِّيبُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَيْضًا. وفي الْوَاضِحِ وَجْهٌ يَلْزَمُهُ.
تنبيه: قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ منها التَّزَيُّنَ. يَعْنِي فَيَلْزَمُهُ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لو أَرَادَ قَطْعَ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ منها لم يَلْزَمْهُ وهو صَحِيحٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال في الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ يَلْزَمُهُ.
فائدة: يَلْزَمُهَا تَرْكُ حِنَّاءٍ وَزِينَةٍ نَهَاهَا عنه الزَّوْجُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْلُهُ وَإِنْ احْتَاجَتْ إلَى من يَخْدُمُهَا لِكَوْنِ مِثْلِهَا لَا تَخْدُمُ نَفْسَهَا أو لِمَرَضِهَا لَزِمَهُ ذلك. إذَا احْتَاجَتْ إلَى من يَخْدُمُهَا لِكَوْنِ مِثْلِهَا لَا تَخْدُمُ نَفْسَهَا لَزِمَهُ ذلك بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ. قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ ذلك على ما إذَا كان قَادِرًا على ذلك إذْ لَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ. وَإِنْ كان لِمَرَضِهَا لَزِمَهُ ذلك أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ. وقال في التَّرْغِيبِ لَا يَلْزَمُهُ. وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إخْدَامُ مَرِيضَةٍ وَلَا أَمَةٍ. وَقِيلَ غَيْرُ حميله [جميلة] انْتَهَى.
فائدة: لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ من يُوَضِّئُ مَرِيضَهُ بِخِلَافِ رَقِيقِهِ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَادِمُ كِتَابِيَّةً وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. قال في الْفُرُوعِ وَيَجُوزُ كِتَابِيَّةٌ في الْأَصَحِّ إنْ جَازَ نَظَرُهَا. وَقِيلَ يُشْتَرَطُ في الْخَادِمِ الْإِسْلَامُ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل يَلْزَمُهَا قَبُولُهَا على وَجْهَيْنِ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا قال أنا أَخْدُمُك وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَالصَّوَابُ اللُّزُومُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِقَدْرِ نَفَقَةِ الْفَقِيرَيْنِ. وَكَذَا كِسْوَتُهُ. قال الْأَصْحَابُ مع خُفٍّ وَمِلْحَفَةٍ لِلْخُرُوجِ. قَوْلُهُ إلَّا في النَّظَافَةِ. لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ لِلْخَادِمِ ما يَعُودُ بِنَظَافَتِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ سِوَى النَّظَافَةِ. وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَيْضًا.
فائدة: إنْ كان الْخَادِمُ له أو لها فَنَفَقَتُهُ عليه. قال في الرِّعَايَةِ وَكَذَا نَفَقَةُ الْمُؤَجَّرِ وَالْمُعَارِ في وَجْهٍ. قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ولم أَجِدْهُ صَرِيحًا وَلَيْسَ بِمُرَادٍ في الْمُؤَجَّرِ فإن نَفَقَتَهُ على مَالِكِهِ. وَأَمَّا في الْمُعَارِ فَيَحْتَمِلُ وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ في آخِرِ الْإِجَارَةِ. وَقَوْلُهُ في وَجْهٍ يَدُلُّ أَنَّ الْأَشْهَرَ خِلَافُهُ وَلِهَذَا جَزَمَ بِهِ في الْمُعَارِ في بَابِهِ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ من نَفَقَةِ خَادِمٍ وَاحِدٍ. وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ. وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ لَا يَكْفِي خَادِمٌ مع الْحَاجَةِ إلَى أَكْثَرَ منه انْتَهَى. وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ من خَادِمٍ بِقَدْرِ حَالِهَا.
فائدة: إنْ كان الْخَادِمُ مِلْكَهَا كان تَعْيِينُهُ إلَيْهِمَا وَإِنْ كان مِلْكَهُ أو اسْتَأْجَرَهُ أو اسْتَعَارَهُ فَتَعْيِينُهُ إلَيْهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ. قَوْله وَإِنْ قال أنا أَخْدُمُك فَهَلْ يَلْزَمُهَا قَبُولُ ذلك على وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهَا قَبُولُ ذلك وهو الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُهَا صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ. وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ له ذلك فِيمَا يَتَوَلَّاهُ مِثْلُهُ لِمَنْ يَكْفِيهَا خَادِمٌ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَكِسْوَتُهَا وَمَسْكَنُهَا كَالزَّوْجَةِ سَوَاءٌ بِلَا نِزَاعٍ. وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْبَائِنُ بِفَسْخٍ أو طَلَاقٍ فَإِنْ كانت حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى. وَكَذَا الْكِسْوَةُ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ وَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ كُلَّ يَوْمٍ تَأْخُذُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. قال في الْمُذْهَبِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أنها إذَا وَضَعَتْ اسْتَحَقَّتْ ذلك لِجَمِيعِ مُدَّةِ الْحَمْلِ. وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ فقال وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجِبَ عليه تَسْلِيمُ النَّفَقَةِ حتى تَضَعَ الْحَمْلَ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يُعْلَمُ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ اللِّعَانُ عليه عِنْدَهُ انْتَهَى. قال في الْفُرُوعِ يَلْزَمُهُ لِبَائِنٍ حَامِلٍ نَفَقَةٌ وَكِسْوَةٌ وَسُكْنَى نَصَّ عليه. وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ بِوَضْعِهِ. قال في الْقَوَاعِدِ وهو ضَعِيفٌ مُصَادِمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حتى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}. وقال في الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ رِوَايَةً لَا تَلْزَمُهُ. قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ سَهْوٌ. قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَحَكَى الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ رِوَايَةً لَا نَفَقَةَ لها كَالْمُتَوَفَّى عنها. وَخَصَّهَا ابْنُهُ بِالْمَبْتُوتَةِ بِالثَّلَاثِ وَبَنَاهَا على أَنَّ النَّفَقَةَ لِلْمَرْأَةِ وَالْمَبْتُوتَةُ لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَإِنَّمَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ إذَا قُلْنَا هِيَ لِلْحَمْلِ. قال ابن رَجَبٍ وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ في الْقِيَاسِ إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ فِيمَا إذَا ظُنَّ وَوُجُوبُ النَّفَقَةِ لِلْمَبْتُوتَةِ الْحَامِلِ يُرَجِّحُ الْقَوْلَ بِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَامِلِ انْتَهَى. وقال في الرَّوْضَةِ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وفي السُّكْنَى رِوَايَتَانِ. قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لها. يَعْنِي وَإِنْ لم تَكُنْ حَامِلًا فَلَا شَيْءَ لها وَهَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ. وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ لها السُّكْنَى خَاصَّةً اخْتَارَهَا أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ. وقال في الِانْتِصَارِ لَا تَسْقُطُ بِتَرَاضِيهِمَا كَالْعِدَّةِ. وَعَنْهُ لها أَيْضًا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ ذَكَرَهَا في الرِّعَايَةِ. وَعَنْهُ يَجِبُ لها النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى حَكَاهَا بن الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرِهِ. وَالظَّاهِرُ أنها الرِّوَايَةُ التي في الرِّعَايَةِ. وَقِيلَ هِيَ كَالزَّوْجَةِ يَجُوزُ لها الْخُرُوجُ وَالتَّحَوُّلُ بِإِذْنِ الزَّوْجِ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ.
فائدة: لو نَفَى الْحَمْلَ وَلَاعَنَ فَإِنْ صَحَّ نَفْيُهُ فَلَا نَفَقَةَ عليه فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ لَزِمَهُ. نَفَقَةُ ما مَضَى وَإِنْ قُلْنَا لَا يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ أو لم يَنْفِهِ وَقُلْنَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ فَلَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ. قَوْلُهُ فَإِنْ لم يُنْفِقْ عليها يَظُنُّهَا حَائِلًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أنها حَامِلٌ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ ما مَضَى هذا الْمَذْهَبُ. قال في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ رَجَعَتْ عليه على الْأَصَحِّ. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَضَى على الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ ما مَضَى. قَوْلُهُ وَإِنْ أَنْفَقَ عليها يَظُنُّهَا حَامِلًا ثُمَّ بَانَتْ حَائِلًا فَهَلْ يَرْجِعُ عليها بِالنَّفَقَةِ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. إحْدَاهُمَا يَرْجِعُ عليها وهو الْمَذْهَبُ. قال في الْفُرُوعِ رَجَعَ عليها على الْأَصَحِّ. قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ الْمَذْهَبُ الرُّجُوعُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَرْجِعُ عليها. وقال في الْوَسِيلَةِ إنْ بَقِيَ الْحَمْلُ فَفِي رُجُوعِهِ رِوَايَتَانِ.
فائدة: لو ادَّعَتْ أنها حَامِلٌ أَنْفَقَ عليها ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ. وَعَنْهُ يُنْفِقُ ذلك إنْ شَهِدَ بِهِ النِّسَاءُ وَإِلَّا فَلَا. وَقِيلَ لَا يُنْفِقُ عليها قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَقَالَا إنْ ادَّعَتْ حَمْلًا وَلَا أَمَارَةَ لم تُعْطَ شيئا. وَقِيلَ بَلَى ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ. وَعَنْهُ لَا تَجِبُ حتى تَشْهَدَ النِّسَاءُ. وَجَزَمَ ابن عبْدُوسٍ أنها لَا تُعْطَى بِلَا أَمَارَةٍ وَتُعْطَى مَعَهَا. فَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ إنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ ولم يَتَبَيَّنْ حَمْلٌ رَجَعَ عليها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ لَا يَرْجِعُ كَنِكَاحٍ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ لِتَفْرِيطِهِ كَنَفَقَتِهِ على أَجْنَبِيَّةٍ. قال في الْفُرُوعِ كَذَا قالوا قال وَيَتَوَجَّهُ فيه الْخِلَافُ. وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وفي رُجُوعِهِ بِمَا أَنْفَقَ وَقِيلَ بَعْدَ عِدَّتِهَا رِوَايَتَانِ. ثُمَّ قال قُلْت إنْ قُلْنَا يَجِبُ تَعْجِيلُ النَّفَقَةِ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا. وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَإِنْ كَتَمَتْ بَرَاءَتَهَا منه فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ قَوْلًا وَاحِدًا. قُلْت وَهَذَا عَيْنُ الصَّوَابِ الذي لَا شَكَّ فيه وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ. قَوْلُهُ وَهَلْ تَجِبُ النَّفَقَةُ لِحَمْلِهَا أو لها من أَجْلِهِ على رِوَايَتَيْنِ. وَهُمَا وَجْهَانِ في الْكَافِي. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ. إحْدَاهُمَا هِيَ لِلْحَمْلِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَصَحُّهُمَا أنها لِلْحَمْلِ. قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَشْهَرُهُمَا. وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ لها من أَجْلِهِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ. وَأَوْجَبَهُمَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ له وَلَهَا من أَجْلِهِ وَجَعَلَهَا كَمُرْضِعَةٍ له بِأُجْرَةٍ.
تنبيه: لِهَذَا الْخِلَافِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ. منها لو كان أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ رَقِيقًا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا تَجِبُ لِأَنَّهُ إنْ كان هو الرَّقِيقَ فَلَا تَجِبُ عليه نَفَقَةُ أَقَارِبِهِ وَإِنْ كانت هِيَ الرَّقِيقَةُ فَالْوَلَدُ مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ فَنَفَقَتُهُ على مالكه [مالكها]. وَعَلَى الثَّانِيَةِ تَجِبُ على الْعَبْدِ في كَسْبِهِ أو تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ حَكَاه ابن الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا. وقال في الْهِدَايَةِ على سَيِّدِهِ وَتَابَعَهُ في الْمُذْهَبِ. وَمِنْهَا لو نَشَزَتْ الْمَرْأَةُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَجِبُ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا تَجِبُ. وَمِنْهَا لو كانت حَامِلًا من وَطْءِ شُبْهَةٍ أو نِكَاحٍ فَاسِدٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَجِبُ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا تَجِبُ. قال في الْقَوَاعِدِ إلَّا أَنْ يُسْكِنَهَا في مَنْزِلٍ يَلِيقُ بها تَحْصِينًا لمائة فَيَلْزَمُهَا ذلك ذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ وَتَقَدَّمَ ذلك. وَيَجِبُ لها النَّفَقَةُ حِينَئِذٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ إذَا حَمَلَتْ الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ فَالنَّفَقَةُ على الْوَاطِئِ إذَا قُلْنَا تَجِبُ لِحَمْلِ الْمَبْتُوتَةِ. وَهَلْ لها على الزَّوْجِ نَفَقَةٌ يُنْظَرُ فَإِنْ كانت مُكْرَهَةً أو نَائِمَةً فَنَعَمْ وَإِنْ طَاوَعَتْهُ تَظُنُّهُ زَوْجَهَا فَلَا نَفَقَةَ.
فائدة: الْفَسْخُ لِعَيْبٍ كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَالَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَقَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَعِنْدَ الْقَاضِي هو كَصَحِيحٍ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ دخل بها وَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا بِرَضَاعٍ أو عَيْبٍ فَلَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ وَإِنْ كانت حَامِلًا حتى تَضَعَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى. وَمِنْهَا ما قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَمُلَخَّصُهُ. إذَا وُطِئَتْ الرَّجْعِيَّةُ بِشُبْهَةٍ أو نِكَاحٍ فَاسِدٍ ثُمَّ بَانَ بها حَمْلٌ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ من الزَّوْجِ وَالْوَاطِئِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَلْزَمُهَا النَّفَقَةُ حتى تَضَعَ وَلَا تَرْجِعُ الْمَرْأَةُ على الزَّوْجِ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا نَفَقَةَ لها على وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّةَ الْحَمْلِ حتى يَنْكَشِفَ الْأَبُ. مِنْهُمَا وَتَرْجِعُ الْمَرْأَةُ على الزَّوْجِ بَعْدَ الْوَضْعِ بِنَفَقَةِ أَقْصَرِ الْمُدَّتَيْنِ من مُدَّةِ الْحَمْلِ. أو قَدْرِ ما بَقِيَ من الْعِدَّةِ بَعْدَ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ. ثُمَّ إذَا زَالَ الْإِشْكَالُ أو أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ فَاعْمَلْ بِمُقْتَضَى ذلك. فَإِنْ كان مَعَهَا وَفْقُ حَقِّهَا من النَّفَقَةِ وَإِلَّا رَجَعَتْ على الزَّوْجِ بِالْفَضْلِ. وَلَوْ كان الطَّلَاقُ بَائِنًا فَالْحُكْمُ كما تَقَدَّمَ في جَمِيعِ ما ذَكَرْنَا إلَّا في مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أنها لَا تَرْجِعُ بَعْدَ الْوَضْعِ بِشَيْءٍ على الزَّوْجِ سَوَاءٌ قُلْنَا النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ أو لها من أَجْلِهِ ذُكِرَ ذلك كُلَّهُ في الْمُجَرَّدِ. وَمَتَى ثَبَتَ نَسَبُهُ من أَحَدِهِمَا فقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من الْمُجَرَّدِ يَرْجِعُ عليه الْآخَرُ بِمَا أَنْفَقَ لِأَنَّهُ لم يُنْفِقْ مُتَبَرِّعًا. قال في الْقَوَاعِدِ وهو الصَّحِيحُ. وَجَعَلَهُ في مَوْضِعٍ آخَرَ من الْمُجَرَّدِ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ على ما مَضَى في بَابِ الضَّمَانِ. وَمِنْهَا لو كانت حَامِلًا من سَيِّدِهَا فَأَعْتَقَهَا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَجِبُ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَجِبُ إلَّا حَيْثُ تَجِبُ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ. وَنَقْل الْكَحَّالُ في أُمِّ الْوَلَدِ تُنْفِقُ من مَالِ حَمْلِهَا. وَنَقَلَ جَعْفَرٌ تُنْفِقُ من جَمِيعِ الْمَالِ. وَمِنْهَا لو غَابَ الزَّوْجُ فَهَلْ تَثْبُتُ النفقة [للنفقة] في ذِمَّتِهِ فيه طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا الْبِنَاءُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا تَثْبُتُ في ذِمَّتِهِ وَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَقَارِبِ لَا تَثْبُتُ في الذِّمَّةِ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ تَثْبُتُ في ذِمَّتِهِ وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ. قال في الْقَوَاعِدِ على الْمَشْهُورِ من الْمَذْهَبِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي. وَمِنْهَا لو مَاتَ الزَّوْجُ وَلَهُ حَمْلٌ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَلْزَمُ النَّفَقَةُ الْوَرَثَةَ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا تَلْزَمُهُمْ بِحَالٍ. وَمِنْهَا لو كان الزَّوْجُ مُعْسِرًا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا تَجِبُ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَقَارِبِ مَشْرُوطَةٌ بِالْيَسَارِ دُونَ نَفَقَةِ الزَّوْجِيَّةِ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ تَجِبُ. وَمِنْهَا لو اخْتَلَعَتْ الزَّوْجَةُ بِنَفَقَتِهَا فَهَلْ يَصِحُّ جَعْلُ النَّفَقَةِ عِوَضًا لِلْخُلْعِ. قال الشِّيرَازِيُّ إنْ قُلْنَا النَّفَقَةُ لها يَصِحُّ. وَإِنْ قُلْنَا لِلْحَمْلِ لم يَصِحَّ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُهَا. وقال الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ يَصِحُّ على الرِّوَايَتَيْنِ. وَمِنْهَا لو كان الْحَمْلُ مُوسِرًا بِأَنْ يُوصَى له بِشَيْءٍ فَيَقْبَلُهُ الْأَبُ. فَإِنْ قُلْنَا النَّفَقَةُ له وهو الْمَذْهَبُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ عن أبيه. وَإِنْ قُلْنَا لأمة وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لم تَسْقُطْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ. وَمِنْهَا لو دَفَعَ إلَيْهَا النَّفَقَةَ فَتَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَجِبُ بَدَلُهَا لِأَنَّ ذلك حُكْمُ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا. وَمِنْهَا فِطْرَةُ الْمُطَلَّقَةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ فِطْرَةُ الْحَمْلِ على أبيه غَيْرُ وَاجِبَةٍ على الصَّحِيحِ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَجِبُ لها الْفِطْرَةُ. وَمِنْهَا هل تَجِبُ السُّكْنَى لِلْمُطَلَّقَةِ الْحَامِلِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا سُكْنَى ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ في التَّبْصِرَةِ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ لها السُّكْنَى أَيْضًا. وَمِنْهَا لو تَزَوَّجَ امْرَأَةً على أنها حَرَّةٌ فَبَانَتْ أَمَةً وهو مِمَّنْ يُبَاحُ له نِكَاحُ الْإِمَاءِ فَفَسَخَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَهِيَ حَامِلٌ منه فَفِيهِ طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا وُجُوبُ النَّفَقَةِ عليه على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ. وفي الْمُحَرَّرِ في كِتَابِ النَّفَقَاتِ ما يَدُلُّ عليه. قال ابن رَجَبٍ وهو الصَّحِيحُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إنْ قُلْنَا النفقة [النفقات] لِلْحَمْلِ وَجَبَتْ على الزَّوْجِ. وَإِنْ قُلْنَا لِلْحَامِلِ لم تَجِبْ ذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ في كِتَابِ النِّكَاحِ. وَمِنْهَا الْبَائِنُ في الْحَيَاةِ بِفَسْخٍ أو طَلَاقٍ إذَا كانت حَامِلًا. وقد تَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في قَوْلِهِ وَأَمَّا الْبَائِنُ بِفَسْخٍ أو طَلَاقٍ فَإِنْ كانت حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لها وَأَحْكَامُهَا. وَمِنْهَا الْمُتَوَفَّى عنها زَوْجُهَا إذَا كانت حَامِلًا. وَتَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهِيَ. قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُتَوَفَّى عنها زَوْجُهَا فَإِنْ كانت حَائِلًا فَلَا نَفَقَةَ لها وَلَا سُكْنَى. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ صَاحِبُ الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وقال وَعَنْهُ لها السُّكْنَى اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فَهِيَ كَغَرِيمٍ. قال في الْمُسْتَوْعِبِ حَكَى شَيْخُنَا رِوَايَةً أَنَّ لها السُّكْنَى بِكُلِّ حَالٍ. وقال الْمُصَنِّفُ أَيْضًا وَالشَّارِحُ إنْ مَاتَ وَهِيَ في مَسْكَنِهِ قَدِمَتْ بِهِ. قَوْلُهُ وَإِنْ كانت حَامِلًا فَهَلْ لها ذلك على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. إحْدَاهُمَا لَا نَفَقَةَ لها وَلَا كِسْوَةَ وَلَا سُكْنَى وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ. قال الْقَاضِي هذه الرِّوَايَةُ أَصَحُّ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لها ذلك. وَبَنَاهُمَا بن الزَّاغُونِيِّ على أَنَّ النَّفَقَةَ هل هِيَ لِلْحَمْلِ أو لها من أَجْلِهِ. فَإِنْ قُلْنَا لِلْحَمْلِ وَجَبَتْ من التَّرِكَةِ كما لو كان الْأَبُ حَيًّا. وَإِنْ قُلْنَا لها لم تَجِبْ. قال في الْقَوَاعِدِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَقَارِبِ لَا تَجِبُ بَعْدَ الْمَوْتِ. قال وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ وهو أَنَّا إنْ قُلْنَا النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ لم تَجِبْ لِلْمُتَوَفَّى عنها لِهَذَا الْمَعْنَى. وَإِنْ قُلْنَا لها وَجَبَتْ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ على الْمَيِّتِ لَحِقَهُ فَتَجِبُ نَفَقَتُهَا في مَالِهِ انْتَهَى. وَعَنْهُ لها السُّكْنَى خَاصَّةً اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فَهِيَ كَغَرِيمٍ فَهِيَ عِنْدَهُ كَالْحَائِلِ. قال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ لها السُّكْنَى بِكُلِّ حَالٍ وَتُقَدِّمُ بها على الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ إنْ كان قد أَفْلَسَهُ الْحَاكِمُ قبل مَوْتِهِ. وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي أَيْضًا إنْ مَاتَ وَهِيَ في مَسْكَنِهِ قُدِّمَتْ بِهِ فَهِيَ عِنْدَهُ وَالْحَالَةُ هذه كَالْحَائِلِ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
فائدتان: إحْدَاهُمَا لو بِيعَتْ الدَّارُ التي هِيَ سَاكِنَتُهَا وَهِيَ حَامِلٌ لم يَصِحَّ الْبَيْعُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ لِجَهْلِ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ إلَى الْوَضْعِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وقال الْمَجْدُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ الصِّحَّةُ وهو الصَّوَابُ. وَتَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ قَرِيبًا في بَابِ الْإِجَارَةِ. الثَّانِيَةُ نَقَلَ الْكَحَّالُ في أُمِّ الْوَلَدِ الْحَامِلِ تُنْفِقُ من مَالِ حَمْلِهَا. وَنَقَلَ جَعْفَرٌ تُنْفِقُ من جَمِيعِ الْمَالِ. وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا قَرِيبًا في الْفوائد. قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَمَنْ أَحْبَلَ أَمَتَهُ وَمَاتَ فَهَلْ نَفَقَتُهَا من الْكُلِّ أو من حَقِّ وَلَدِهَا على رِوَايَتَيْنِ. وقال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ في نَفَقَةِ أُمِّ الْوَلَدِ الْحَامِلِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ. إحْدَاهَا لَا نَفَقَةَ لها نَقَلَهَا حَنْبَلٌ وابن بُخْتَانَ. وَالثَّانِيَةُ يُنْفِقُ عليها من نَصِيبِ ما في بَطْنِهَا نَقَلَهَا الْكَحَّالُ. وَالثَّالِثَةُ إنْ لم تَكُنْ وَلَدَتْ من سَيِّدِهَا قبل ذلك فَنَفَقَتُهَا من جَمِيعِ الْمَالِ إذَا كانت حَامِلًا وَإِنْ كانت وَلَدَتْ قبل ذلك فَهِيَ في عِدَادِ الْأَحْرَارِ يُنْفِقُ عليها من نَصِيبِ وَلَدِهَا نَقَلَهَا جَعْفَرُ بن مُحَمَّدٍ. قال وَهِيَ مُشْكِلَةٌ جِدًّا وَبَيَّنَ مَعْنَاهَا. وَاسْتَشْكَلَ الْمَجْدُ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ فقال الْحَمْلُ إنَّمَا يَرِثُ بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا وَيُوقَفُ نَصِيبُهُ فَكَيْفَ يَتَصَرَّفُ فيه قبل تَحَقُّقِ الشَّرْطِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ هذا النَّصَّ يَشْهَدُ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ بِالْإِرْثِ من حِينِ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَإِنَّمَا خُرُوجُهُ حَيًّا يَتَبَيَّنُ بِهِ وُجُودُ ذلك. فإذا حَكَمْنَا له بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا جَازَ التَّصَرُّفُ فيه بِالنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عليه وَعَلَى من تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَا سِيَّمَا وَالنَّفَقَةُ على أمة يَعُودُ نَفْعُهَا إلَيْهِ كما يَتَصَرَّفُ في مَالِ الْمَفْقُودِ. قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ دَفْعُ النَّفَقَةِ إلَيْهَا في صَدْرِ نَهَارِ كل يَوْمٍ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَا على تَأْخِيرِهَا أو تَعْجِيلِهَا مُدَّةً قَلِيلَةً أو كَثِيرَةً فَيَجُوزُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَمْلِيكٌ بَلْ يُنْفِقُ وَيَكْسُو بِحَسَبِ الْعَادَةِ فإن الْإِنْفَاقَ بِالْمَعْرُوفِ ليس هو التَّمْلِيكُ. وقال في الِانْتِصَارِ لَا يَسْقُطُ فَرْضُهُ عَمَّنْ زَوْجَتُهُ صَغِيرَةٌ أو مَجْنُونَةٌ إلَّا بِتَسْلِيمِ وَلِيٍّ أو بِإِذْنِهِ. قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا دَفْعَ الْقِيمَةِ لم يَلْزَمْ الْآخَرَ ذلك بِلَا نِزَاعٍ. قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ ما سَبَقَ أو صَرِيحُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَمْلِكُ فَرْضَ غَيْرِ الْوَاجِبِ كَدَرَاهِمَ مَثَلًا إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا فَلَا يُجْبَرُ من امْتَنَعَ. قال ابن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى لَا أَصْلَ لِفَرْضِ الدَّرَاهِمِ في كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا نَصَّ عليه أَحَدٌ من الْأَئِمَّةِ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ بِغَيْرِ الرِّضَى عن غَيْرِ مُسْتَقَرٍّ. قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ مع عَدَمِ الشِّقَاقِ وَعَدَمِ الْحَاجَةِ فَأَمَّا مع الشِّقَاقِ وَالْحَاجَةِ كَالْغَائِبِ مَثَلًا فَيَتَوَجَّهُ الْفَرْضُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ على ما لَا يَخْفَى وَلَا يَقَعُ الْفَرْضُ بِدُونِ ذلك بِغَيْرِ الرِّضَى انْتَهَى. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَيَجُوزُ التَّعَوُّضُ عن النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ بِنَقْدٍ وَغَيْرِهِ عَمَّا يَجِبُ.
تنبيه: قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ كِسْوَتُهَا في كل عَامٍ. يَعْنِي عليه كِسْوَتُهَا مَرَّةً بِلَا نِزَاعٍ. وَمَحَلُّهَا أَوَّلَ كل عَامٍ من حِينِ الْوُجُوبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ أَوَّلَ كل صَيْفٍ وَشِتَاءٍ. وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ فقال قُلْت في أَوَّلِ الشِّتَاءِ كِسْوَتُهُ وفي أَوَّلِ الصَّيْفِ كِسْوَتُهُ. وقال في الْوَاضِحِ وَعَلَيْهِ كِسْوَتُهَا كُلَّ نِصْفِ سَنَةٍ. قَوْلُهُ وَإِذْ قَبَضَتْهَا فَسُرِقَتْ أو تَلِفَتْ لم يَلْزَمْهُ عِوَضُهَا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ. قال في الْفُرُوعِ فَإِنْ سُرِقَتْ أو بَلِيَتْ فَلَا بَدَلَ في الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ يَلْزَمُهُ عِوَضُهَا. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ هِيَ إمْتَاعٌ فَيَلْزَمُهُ بَدَلُهَا كَكِسْوَةِ الْقَرِيبِ. وقال في الْكَافِي فَإِنْ بَلِيَتْ في الْوَقْتِ الذي يَبْلَى فيه مِثْلُهَا لَزِمَهُ بَدَلُهَا لِأَنَّ ذلك من تَمَامِ كِسْوَتِهَا وَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ لم يَلْزَمْهُ بَدَلُهَا. قَوْلُهُ وإذا انْقَضَتْ السَّنَةُ وَهِيَ صَحِيحَةٌ فَعَلَيْهِ كِسْوَةُ السَّنَةِ الْأُخْرَى. هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَلْزَمُهُ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ. قُلْت وهو قَوِيٌّ جِدًّا. قال في الرِّعَايَةِ إنْ قُلْنَا هِيَ تَمْلِيكٌ لَزِمَهُ وَإِنْ قُلْنَا إمْتَاعٌ فَلَا كَالْمَسْكَنِ وَأَوْعِيَةِ الطَّعَامِ وَالْمَاعُونِ وَالْمُشْطِ وَنَحْوِ ذلك وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ. وقال في الْكَافِي وَإِنْ مَضَى زَمَانٌ تَبْلَى فيه ولم تَبْلَ فَفِيهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ إلَى الْكِسْوَةِ. وَالثَّانِي يَجِبُ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْمُدَّةِ بِدَلِيلِ أنها لو تَلِفَتْ قبل انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لم يَلْزَمْهُ بَدَلُهَا.
فائدتان: إحْدَاهُمَا تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ الْكِسْوَةَ بِقَبْضِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ لَا تَمْلِكُهَا. وَالْمَسْأَلَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ مَبْنِيَّتَانِ على هذا الْخِلَافِ. الثَّانِيَةُ حُكْمُ الْغِطَاءِ وَالْوِطَاءِ وَنَحْوِهِمَا حُكْمُ الْكِسْوَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا. وَاخْتَارَ بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيه أَنَّ ذلك يَكُونُ إمْتَاعًا لَا تَمْلِيكًا. قَوْله وَإِنْ مَاتَتْ أو طَلَّقَهَا قبل مُضِيِّ السَّنَةِ فَهَلْ يَرْجِعُ عليها بِقِسْطِهِ على وَجْهَيْنِ. وَكَذَا الْحُكْمُ لو تَسَلَّفَتْ النَّفَقَةَ فَمَاتَتْ أو طَلَّقَهَا. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ. أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ وهو الْمَذْهَبُ. قال في الْفُرُوعِ رَجَعَ على الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ. وَقِيلَ يَرْجِعُ بِالنَّفَقَةِ دُونَ الْكِسْوَةِ. وَقِيلَ عَكْسُهُ. وَقِيلَ ذلك كَزَكَاةٍ مُعَجَّلَةٍ. وَجَزَمَ بِهِ وَلَدُ الشِّيرَازِيِّ في الْمُنْتَخَبِ. وَجَزَمَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا وَجَبَ كَيَوْمٍ وَكِسْوَةِ سَنَةٍ بَلْ يَرْجِعُ بِمَا لم يَجِبْ إذَا دَفَعَهُ.
فائدة: لَا يَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ الْيَوْمِ الذي فَارَقَهَا فيه ما لم تَكُنْ نَاشِزًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي لَا يَرْجِعُ قَوْلًا وَاحِدًا. قال في الْفُرُوعِ وَلَا يَرْجِعُ في الْأَصَحِّ. قال في الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَا يَوْمُ السَّلَفِ لَا يَرْجِعُ بِهِ. وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَا يَرْجِعُ بِهِ. وَقِيلَ يَرْجِعُ بِهِ. وَأَمَّا إذَا كانت نَاشِزًا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عليها بِذَلِكَ. وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ أَيْضًا.
تنبيه: في قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إذَا قَبَضَتْ النَّفَقَةَ فَلَهَا التَّصَرُّفُ فيها. إشْعَارٌ بِأَنَّهَا تَمْلِكُهَا وهو صَحِيحٌ. صَرَّحَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقَطَعُوا بِهِ كَالْكِسْوَةِ. قَوْلُهُ وَإِنْ غَابَ مُدَّةً ولم يُنْفِقْ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ ما مَضَى. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ لَا نَفَقَةَ لها إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ قد فَرَضَهَا لها. اخْتَارَهُ في الْإِرْشَادِ وهو ضَعِيفٌ. وقال في الرِّعَايَةِ لَا نَفَقَةَ لها إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ قد فَرَضَهَا لها أو فَرَضَهَا الزَّوْجُ بِرِضَاهَا. وقال في الِانْتِصَارِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَسْقَطَهَا بِالْمَوْتِ. وَعَلَّلَ في الْفُصُولِ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ بِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي. قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ الْكَافِي فإنه فَرَّعَ عليها لَا يَثْبُتُ في ذِمَّتِهِ وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا لِأَنَّهُ ليس مَآلُهَا إلَى الْوُجُوبِ.
فوائد: الْأُولَى لو اسْتَدَانَتْ وَأَنْفَقَتْ رَجَعَتْ على زَوْجِهَا مُطْلَقًا نَقَلَهُ أَحْمَدُ بن هَاشِمٍ. وَذَكَرَهُ في الْإِرْشَادِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال وَيَتَوَجَّهُ الرِّوَايَتَانِ فِيمَنْ أَدَّى عن غَيْرِهِ وَاجِبًا انْتَهَى. الثَّانِيَةُ لو أَنْفَقَتْ في غَيْبَتِهِ من مَالِهِ فَبَانَ مَيِّتًا رَجَعَ عليها الْوَارِثُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. قال في الْفُرُوعِ وَيَرْجِعُ بِنَفَقَتِهَا من مَالِ غَائِبٍ بَعْدَ مَوْتِهِ بِظُهُورِهِ على الْأَصَحِّ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ. وَعَنْهُ لَا يَرْجِعُ عليها. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. الثَّالِثَةُ لو أَكَلَتْ مع زَوْجِهَا عَادَةً أو كَسَاهَا بِلَا إذْنٍ ولم يَتَبَرَّعْ سَقَطَتْ عنه مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال في الرِّعَايَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي إنْ نَوَى اعْتَدَّ بها وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ وإذا بَذَلَتْ الْمَرْأَةُ تَسْلِيمَ نَفْسِهَا وَهِيَ مِمَّنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا أو يَتَعَذَّرُ وَطْؤُهَا لِمَرَضٍ أو حَيْضٍ أو رَتْقٍ وَنَحْوِهِ لَزِمَ زَوْجَهَا نَفَقَتُهَا سَوَاءٌ كان الزَّوْجُ كَبِيرًا أو صَغِيرًا يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ أو لَا يُمْكِنُهُ كَالْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ وَالْمَرِيضِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ إذَا كان صَغِيرًا. وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ بِالْعَقْدِ مع عَدَمِ مَنْعٍ لِمَنْ يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهَا لو بَذَلَهُ. وَقِيلَ وَلِصَغِيرَةٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. فَعَلَيْهَا لو تَسَاكَنَا بَعْدَ الْعَقْدِ مُدَّةً لَزِمَهُ. وقال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ دَفْعُ النَّفَقَةِ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالتَّمْكِينِ سَوَاءٌ قَدَرَ على الْوَطْءِ أو عَجَزَ عنه.
فائدة: مَثَّلَ الْقَاضِي وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا من الْأَصْحَابِ بِابْنَةِ تِسْعِ سِنِينَ وهو مُقْتَضَى نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَصَالِحٍ. وَأَنَاطَ الْخِرَقِيُّ وأبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ الْحُكْمَ بِمَنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا وهو أَقْعَدُ فإن تَمْثِيلَهُمْ بِالسِّنِّ فيه نَظَرٌ بَلْ الِاعْتِبَارُ بِالْقُدْرَةِ على ذلك أَوْلَى أو مُتَعَيِّنٌ وَهَذَا مُخْتَلِفٌ فَقَدْ تَكُونُ ابْنَةُ تِسْعٍ تَقْدِرُ على الْوَطْءِ وَبِنْتُ عَشْرٍ لَا تَقْدِرُ عليه بِاعْتِبَارِ كِبَرِهَا وَصِغَرِهَا من نحولها وَسِمَنِهَا وَقُوَّتِهَا وَضَعْفِهَا. لَكِنَّ الذي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِذَلِكَ في الْغَالِبِ. وقال الزَّرْكَشِيُّ وقد يُحْمَلُ إطْلَاقُ من أَطْلَقَ من الْأَصْحَابِ على ذلك انْتَهَى. قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ وَإِنْ كانت صَغِيرَةً لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا لم تَجِبْ نَفَقَتُهَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَهُ في الْفُرُوعِ. وَتَقَدَّمَ قَوْلٌ بِلُزُومِ النَّفَقَةِ لِلصَّغِيرَةِ بِالْعَقْدِ حَكَاهُ في الْفُرُوعِ فَبَعْدَ الدُّخُولِ بِطَرِيقِ أَوْلَى.
فائدة: لو زُوِّجَ طِفْلٌ بِطِفْلَةٍ فَلَا نَفَقَةَ لها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِعَدَمِ الْمُوجِبِ. وَقِيلَ لها النَّفَقَةُ. قَوْلُهُ فَإِنْ بَذَلَتْهُ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ لم يُفْرَضْ لها حتى يُرَاسِلَهُ الْحَاكِمُ أو يَمْضِيَ زَمَنٌ يُمْكِنُ أَنْ يَقْدُمَ في مِثْلِهِ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَيَأْتِي عِنْدَ النُّشُوزِ ما يُشَابِهُ هذا. قَوْلُهُ وَإِنْ مَنَعَتْ تَسْلِيمَ نَفْسِهَا أو مَنَعَهَا أَهْلُهَا فَلَا نَفَقَةَ لها إذَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا فَلَا نَفَقَةَ لها بِلَا نِزَاعٍ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أو مَنَعَهَا أَهْلُهَا وَلَوْ كانت بَاذِلَةً لِلتَّسْلِيمِ وَلَكِنَّ أَهْلَهَا يَمْنَعُونَهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَذَكَرَهُ في الرَّوْضَةِ وقال ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ قال وَفِيهِ نَظَرٌ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وقال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لها النَّفَقَةُ. قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا قبل الدُّخُولِ حتى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا الْحَالَّ فَلَهَا ذلك وَتَجِبُ نَفَقَتُهَا. هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا نَفَقَةَ لها ذَكَرَهُ في كِتَابِ الصَّدَاقِ. قَوْلُهُ وَإِنْ كان بَعْدَهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ أَيْضًا في آخِرِ كِتَابِ الصَّدَاقِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا لَا تَمْلِكُ الْمَنْعَ فَلَا نَفَقَةَ لها إذَا امْتَنَعَتْ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قال في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. قُلْت منهم بن بَطَّةَ وابن شَاقِلَا. وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لها ذلك فَيَجِبُ لها النَّفَقَةُ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في آخِرِ كِتَابِ الصَّدَاقِ.
تنبيه: قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْآجِلِ. يَعْنِي أنها لَا تَمْلِكُ مَنْعَ نَفْسِهَا إذَا كان الصَّدَاقُ مُؤَجَّلًا فَلَوْ فَعَلَتْ لم يَكُنْ لها عليه نَفَقَةٌ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أو لَا. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَجَّلَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَحِلَّ قبل الدُّخُولِ أو لَا. فَإِنْ لم يَحِلَّ قبل الدُّخُولِ فَلَيْسَ لها الِامْتِنَاعُ فَلَوْ امْتَنَعَتْ لم يَكُنْ لها نَفَقَةٌ بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ حَلَّ قبل الدُّخُولِ لم تَمْلِكْ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَقِيلَ لها الِامْتِنَاعُ وَيَجِبُ لها النَّفَقَةُ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ وَإِنْ سَلَّمَتْ الْأَمَةُ نَفْسَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا فَهِيَ كَالْحُرَّةِ. يَعْنِي سَوَاءً رضي بِذَلِكَ الزَّوْجُ أو لم يَرْضَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قُلْت يَتَوَجَّهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ لِلزَّوْجِ بِذَلِكَ ضَرَرٌ لِفَقْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ. قَوْلُهُ وَإِنْ كانت تَأْوِي إلَيْهِ لَيْلًا وَعِنْدَ السَّيِّدِ نَهَارًا فَعَلَى كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا النَّفَقَةُ مُدَّةَ مَقَامِهَا عِنْدَهُ. فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ نَفَقَةُ اللَّيْلِ من الْعَشَاءِ وَتَوَابِعِهِ كَالْوَطْءِ وَالْغِطَاءِ وَرَهْنِ الْمِصْبَاحِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ تَجِبُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَكَذَلِكَ الْكِسْوَةُ قَطْعًا لِلتَّنَازُعِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ. قال الشَّارِحُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْأَوَّلَ فَعَلَى هذا على كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ النَّفَقَةِ فَفَسَّرَ الْأَوَّلَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي. وَوُجُوبُ نَفَقَةِ اللَّيْلِ على الزَّوْجِ وَالنَّهَارِ على السَّيِّدِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.
فائدة: لو سَلَّمَهَا سَيِّدُهَا نَهَارًا فَقَطْ لم يَكُنْ له ذلك. قَوْلُهُ وإذا نَشَزَتْ الْمَرْأَةُ فَلَا نَفَقَةَ لها. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قال في الْفُرُوعِ وَلَوْ بِنِكَاحٍ في عِدَّةٍ. وقال في التَّرْغِيبِ من مَكَّنَتْهُ من الْوَطْءِ دُونَ بَقِيَّةِ الِاسْتِمْتَاعِ فَسُقُوطُ النَّفَقَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا تُشَطَّرُ النَّفَقَةُ لِنَاشِزٍ لَيْلًا فَقَطْ أو نَهَارًا فَقَطْ لَا بِقَدْرِ الْأَزْمِنَةِ. وَتُشَطَّرُ النَّفَقَةُ لِنَاشِزٍ بَعْضَ يَوْمٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ تَسْقُطُ كُلُّ نَفَقَتِهِ. الثَّانِيَةُ لو نَشَزَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ غَابَ الزَّوْجُ فَأَطَاعَتْ في غَيْبَتِهِ فَعَلِمَ بِذَلِكَ وَمَضَى زَمَنٌ يَقْدَمُ في مِثْلِهِ عَادَتْ لها النَّفَقَةُ. قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ تَجِبُ بَعْدَ مُرَاسَلَةِ الْحَاكِمِ له انْتَهَى. وَكَذَا الْحُكْمُ لو سَافَرَ قبل الزِّفَافِ. وَكَذَا لو أَسْلَمَتْ مُرْتَدَّةٌ أو مُتَخَلِّفَةٌ عن الْإِسْلَامِ في غَيْبَتِهِ عِنْدَ ابن عقِيلٍ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها تَعُودُ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِمَا. قَوْلُهُ أو سَافَرَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا نَفَقَةَ لها. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ. وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ سَفَرُ التَّغْرِيبِ يَحْتَمِلُ أَنْ تَسْقُطَ فيه النَّفَقَةُ. قُلْت وَيُتَصَوَّرُ ذلك فِيمَا إذَا كانت بَالِغَةً عَاقِلَةً ولم يَدْخُلْ بها وَهِيَ بَاذِلَةٌ لِلتَّسْلِيمِ وَالْمَنْعِ من الدُّخُولِ منه. قَوْلُهُ أو تَطَوَّعَتْ بِصَوْمٍ أو حَجٍّ فَلَا نَفَقَةَ لها. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ بِصَوْمِ التَّطَوُّعِ اخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ. وقال إنْ جَازَ له إبْطَالُهُ فَتَرَكَهُ. وفي الْوَاضِحِ في حَجٍّ نَفْلٍ إنْ لم يَمْلِكْ مَنْعَهَا وَتَحْلِيلَهَا لم تَسْقُطْ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا لو صَامَتْ لِكَفَّارَةٍ أو نَذْرٍ أو لِقَضَاءِ رَمَضَانَ وَوَقْتُهُ مُتَّسِعٌ بِلَا إذْنِهِ فَلَا نَفَقَةَ لها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ لها النَّفَقَةُ في صَوْمِ قَضَاءِ رَمَضَانَ. وَنَقَلَ أبو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ تَصُومُ النَّذْرَ بِلَا إذْنٍ. وقال في الْوَاضِحِ في صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ مَنْذُورٍ وَجْهَانِ. الثَّانِيَةُ لو حُبِسَتْ بِحَقٍّ أو ظُلْمًا فَلَا نَفَقَةَ لها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ لها النَّفَقَةُ وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَهَلْ له الْبَيْتُوتَةُ مَعَهَا فيه وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ. قُلْت الصَّوَابُ أَنَّ له الْبَيْتُوتَةَ مَعَهَا. قَوْلُهُ وَإِنْ بَعَثَهَا في حَاجَةٍ يَعْنِي له أو أَحْرَمَتْ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَلَهَا النَّفَقَةُ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ بِشَرْطِ أَنْ تُحْرِمَ في الْوَقْتِ من الْمِيقَاتِ. وقال في التَّبْصِرَةِ في حَجِّ فَرْضٍ احْتِمَالٌ كَنَفَقَةٍ زَائِدَةٍ على الْحَضَرِ.
فائدة: لو [أو] سَافَرَتْ لِنُزْهَةٍ أو تِجَارَةٍ أو زِيَارَةِ أَهْلِهَا فَلَا نَفَقَةَ لها وَفِيهِ احْتِمَالٌ وهو وَجْهٌ في الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِمَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ في وَقْتِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وكذلك الصَّوْمُ الْمَنْذُورُ وَالْمُعَيَّنُ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا لها النَّفَقَةُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي مُطْلَقًا وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا نَفَقَةَ لها مُطْلَقًا وهو الْوَجْهُ الثَّانِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ذَكَرَه ابن مُنَجَّا. وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ. وَقِيلَ إنْ كان نَذْرُهَا بِإِذْنِهِ أو قبل النِّكَاحِ لم تَسْقُطْ النَّفَقَةُ وَإِلَّا سَقَطَتْ. وَجَعَلَهُ الشَّارِحُ الْوَجْهَ الثَّانِيَ من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ وَإِنْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا بِإِذْنِهِ فَلَا نَفَقَةَ لها. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ في بَعْضِ النُّسَخِ وَعَلَيْهَا شَرْحُ الْمُصَنِّفِ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ. وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وهو الْمَذْهَبُ. وَيَحْتَمِل أَنَّ لها النَّفَقَةَ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. وأطلقهما في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في بَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ. قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا في نُشُوزِهَا أو تَسْلِيمِ النَّفَقَةِ إلَيْهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مع يَمِينِهَا. هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالشَّرْحِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وقال الْآمِدِيُّ إنْ اخْتَلَفَا في النُّشُوزِ فَإِنْ وَجَبَتْ بِالتَّمْكِينِ صُدِّقَ وَعَلَيْهَا إثْبَاتُهُ وَإِنْ وَجَبَتْ بِالْعَقْدِ صُدِّقَتْ وَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْمَنْعِ وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ إثْبَاتِ التَّمْكِينِ لم يُقْبَلْ قَوْلُهُ. وقال في التَّبْصِرَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ قبل الدُّخُولِ وَقَوْلُهَا بَعْدَهُ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في النَّفَقَةِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ من يَشْهَدُ له الْعُرْفُ. قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا في بَذْلِ التَّسْلِيمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِنَفَقَتِهَا أو بِبَعْضِهَا أو بِالْكِسْوَةِ. وَكَذَا بِبَعْضِهَا خُيِّرَتْ بين فَسْخِ النِّكَاحِ وَالْمُقَامِ وَتَكُونُ النَّفَقَةُ دَيْنًا في ذِمَّتِهِ. يَعْنِي نَفَقَةَ الْفَقِيرِ وَمَحَلُّهُ إذَا لم تَمْنَعْ نَفْسَهَا. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ لها الْفَسْخَ بِذَلِكَ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الْمَذْهَبُ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ. وَفَسْخُهَا لِلْإِعْسَارِ بِنَفَقَتِهَا من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على أنها لَا تَمْلِكُ الْفَسْخَ بِالْإِعْسَارِ بِحَالٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ نَقَل ابن مَنْصُورٍ ما يَدُلُّ على أنها لَا تَمْلِكُ الْفَسْخَ بِهِ ما لم يُوجَدْ منه غُرُورٌ. وَذَكَرَ بن الْبَنَّا وَجْهًا أَنَّهُ يُؤَجِّلُ ثَلَاثًا. وَقِيلَ إنْ أَعْسَرَ بِكِسْوَةِ يَسَارٍ فَلَا فَسْخَ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ يَرْفَعُ يَدَهُ عنها لِتَكْتَسِبَ ما تَقْتَاتُ بِهِ.
فائدة: إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ فَلِلْحَاكِمِ الْفَسْخُ بِطَلَبِهَا قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَا في النَّفَقَةِ وَلَا تَجِدُ من يُدَيَّنُهَا عليه. وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في الْغَائِبِ ولم يَذْكُرُوهُ في الْحَاضِرِ الْمُوسِرِ الْمَانِعِ. وَرَفْعُ النِّكَاحِ هُنَا فَسْخٌ بِطَلَبِهَا أو فَسَخَتْ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال في التَّرْغِيبِ هو قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا فَيُعْتَبَرُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ. فإذا ثَبَتَ إعْسَارُهُ فُسِخَ بِطَلَبِهَا أو فَسَخَتْ بِأَمْرِهِ وَلَا يَنْفُذُ بِدُونِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ ظَاهِرًا. وفي التَّرْغِيبِ يَنْفُذُ مع تَعَذُّرِهِ. وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ تَعَذَّرَ إذْنُهُ مُطْلَقًا. وَقِيلَ هذه الْفُرْقَةُ طَلَاقٌ. فَعَلَى هذا يَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِطَلَبِهَا بِطَلَاقٍ أو نَفَقَةٍ فَإِنْ أَبَى طَلَّقَ عليه الْحَاكِمُ. جَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وَالرِّعَايَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. فَإِنْ رَاجَعَ فَقِيلَ لَا يَصِحُّ مع عُسْرَتِهِ. قُلْت فَيُعَايَى بها. وَقِيلَ يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. فَإِنْ رَاجَعَ طَلَّقَ عليه ثَانِيَةً فَإِنْ رَاجَعَ طَلَّقَ عليه ثَالِثَةً. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ إنَّ طَلَبَ الْمُهْلَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أُجِيبَ فَلَوْ لم يَقْدِرْ فَقِيلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَقِيلَ إلَى آخِرِ الْيَوْمِ الْمُتَخَلِّفَةِ نَفَقَتُهُ. وقال في الْمُغْنِي يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَارَتْ الْمُقَامَ ثُمَّ بَدَا لها الْفَسْخُ فَلَهَا ذلك. وهو الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ لها ذلك في الْأَصَحِّ. وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ ليس لها ذلك كما لو رَضِيَتْ بِعُسْرَتِهِ في الصَّدَاقِ. قال في الْمُحَرَّرِ فَعَلَى هذا هل خِيَارُهَا الْأَوَّلُ على التَّرَاخِي أو على الْفَوْرِ على رِوَايَتَيْ خِيَارِ الْعَيْبِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِهِ.
فوائد: الْأُولَى لو اخْتَارَتْ الْمُقَامَ جَازَ لها أَنْ لَا تُمَكِّنَهُ من نَفْسِهَا وَلَيْسَ له أَنْ يَحْبِسَهَا. الثَّانِيَةُ لو رَضِيَتْ بِعُسْرَتِهِ أو تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بها فَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. قال في الْفُرُوعِ لها ذلك على الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ. وَقِيلَ ليس لها ذلك. قال في الرِّعَايَتَيْنِ ليس لها ذلك في الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ. فَعَلَى هذا الْقَوْلِ خِيَارُهَا على الْفَوْرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ. وَقِيلَ على التَّرَاخِي وهو الْمَذْهَبُ. وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي. وَظَاهِرُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ كَخِيَارِ الْعَيْبِ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَلْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وهو أَوْلَى فَإِنْ حَصَلَ في الرَّابِعِ نَفَقَةٌ فَلَا فَسْخَ بِمَا مَضَى وَإِنْ حَصَلَتْ في الثَّالِثِ فَهَلْ يُفْسَخُ في الْخَامِسِ أو السَّادِسِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. قال وَإِنْ مَضَى يَوْمَانِ وَوَجَدَ نَفَقَةَ الثَّالِثِ ثُمَّ أَعْسَرَ في الرَّابِعِ فَهَلْ يَسْتَأْنِفُ الْمُدَّةَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى. وَاخْتَارَ ابن القيم رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى أنها لو تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِعُسْرَتِهِ أو كان مُوسِرًا ثُمَّ افْتَقَرَ أَنَّهُ لَا فَسْخَ لها. قال ولم يَزَلْ الناس تُصِيبُهُمْ الْفَاقَةُ بَعْدَ الْيَسَارِ ولم يَرْفَعْهُمْ أَزْوَاجُهُمْ إلَى الْحُكَّامِ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ. قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. الثَّالِثَةُ لو قَدَرَ على التَّكَسُّبِ أُجْبِرَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ. وقال في التَّرْغِيبِ أُجْبِرَ على الْأَصَحِّ. وقال فيه أَيْضًا الصَّانِعُ الذي لَا يَرْجُو عَمَلًا أَقَلَّ من ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فإذا عَمِلَ دَفَعَ نَفَقَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا فَسْخَ ما لم يَدُمْ. قال في الْكَافِي إنْ كانت نَفَقَتُهُ عن عَمَلٍ فَمَرِضَ فَاقْتَرَضَ فَلَا فَسْخَ وَإِنْ عَجَزَ عن الِاقْتِرَاضِ وكان لِعَارِضٍ يَزُولُ لِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فما دُونَ فَلَا فَسْخَ انْتَهَى. وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَإِنْ تَعَذَّرَ عليه الْكَسْبُ في بَعْضِ زَمَانِهِ أو تَعَذَّرَ الْبَيْعُ لم يَثْبُتْ الْفَسْخُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِاقْتِرَاضُ إلَى زَوَالِ الْعَارِضِ وَحُصُولِ الِاكْتِسَابِ. وَكَذَلِكَ إنْ عَجَزَ عن الِاقْتِرَاضِ أَيَّامًا يَسِيرَةً لِأَنَّ ذلك يَزُولُ عن قَرِيبٍ وَلَا يَكَادُ يَسْلَمُ منه كَثِيرٌ من الناس. وَقَالَا أَيْضًا إنْ مَرِضَ مَرَضًا يُرْجَى زَوَالُهُ في أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ لم يَفْسَخْ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كان ذلك يَطُولُ فَلَهَا الْفَسْخُ. وَكَذَلِكَ إنْ كان لَا يَجِدُ النَّفَقَةَ إلَّا يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ انْتَهَيَا. وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الرِّعَايَةِ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْسَرَ بِالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ أو نَفَقَةِ الْمُوسِرِ أو الْمُتَوَسِّطِ أو الْأُدْمِ أو نَفَقَةِ الْخَادِمِ فَلَا فَسْخَ لها. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وقال ابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ إنْ كانت مِمَّنْ جَرَتْ عَادَتُهَا بِأَكْلِ الطِّيبِ وَلِبْسِ النَّاعِمِ لَزِمَهُ ذلك فَإِنْ كان مُعْسِرًا مَلَكَتْ الْفَسْخَ إذَا عَجَزَ عن الْقِيَامِ بِهِ. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ اعْتَادَتْ الطِّيبَ وَالنَّاعِمَ فَعَجَزَ عنهما فَلَهَا الْفَسْخُ. قُلْت فَالْأَدَمُ أَوْلَى انْتَهَى. وَقِيلَ لها الْفَسْخُ إذَا أَعْسَرَ بِالْأُدْمِ. وفي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ لها الْفَسْخُ في ذلك كُلِّهِ مع ضَرَرِهَا. قَوْلُهُ وَتَكُون النَّفَقَةُ دَيْنًا في ذِمَّتِهِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وقال الْقَاضِي تَسْقُطُ أَيْ الزِّيَادَةُ عن نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ أو الْمُتَوَسِّطِ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ في ذلك وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ لَا أنها تَسْقُطُ مُطْلَقًا. وقال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وقال الْقَاضِي تَسْقُطُ زِيَادَةُ الْيَسَارِ وَالتَّوَسُّطِ. قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ تَسْقُطُ زِيَادَةُ الْيَسَارِ وَالتَّوَسُّطِ. قُلْت غَيْرُ الْأُدْمِ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْسَرَ بِالسُّكْنَى أو الْمَهْرِ فَهَلْ لها الْفَسْخُ على وَجْهَيْنِ. إذَا أَعْسَرَ بِالسُّكْنَى فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في جَوَازِ الْفَسْخِ لها وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا لها الْفَسْخُ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ. وَالثَّانِي لَا فَسْخَ لها ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ. وَأَطْلَقَ في جَوَازِ الْفَسْخِ إذَا أَعْسَرَ بِالْمَهْرِ وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. أَحَدُهُمَا لها الْفَسْخُ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس لها ذلك اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ. قال الْمُصَنِّفُ وهو أَصَحُّ وَنَصَرَهُ. وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَقِيلَ إنْ أَعْسَرَ قبل الدُّخُولِ فَلَهَا الْفَسْخُ وَإِنْ كان بَعْدَهُ فَلَا. قال الشَّارِحُ وَتَبِعَهُ في التَّصْحِيحِ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ. قال النَّاظِمُ هذا أَشْهَرُ. وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ إنْ تَزَوَّجَ مُفْلِسًا ولم تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قال عِنْدِي عَرْضٌ وَمَالٌ وَغَيْرُهُ. وَتَقَدَّمَ ذلك مُحَرَّرًا بِأَتَمَّ من هذا في آخِرِ بَابِ الصَّدَاقِ فَلْيُعَاوَدْ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْسَرَ زَوْجُ الْأَمَةِ فَرَضِيَتْ أو زَوْجُ الصَّغِيرَةِ أو الْمَجْنُونَةِ لم يَكُنْ لِوَلِيِّهِنَّ الْفَسْخُ وهو الْمَذْهَبُ. قال في الْفُرُوعِ لَا فَسْخَ في الْمَنْصُوصِ لِوَلِيِّ أَمَةٍ رَاضِيَةٍ وَصَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي فَلَا فَسْخَ لهم في الْأَصَحِّ. وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ له ذلك. وقال في الْكَافِي وحكى عن الْقَاضِي أَنَّ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ الْفَسْخَ لِأَنَّ الضَّرَرَ عليه. قَوْلُهُ وَإِنْ مَنَعَ النَّفَقَةَ أو بَعْضَهَا مع الْيَسَارِ وَقَدَرَتْ له على مَالٍ أَخَذَتْ منه ما يَكْفِيهَا وَيَكْفِي وَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. لِلْحَدِيثِ الذي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وهو في الصَّحِيحَيْنِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قال في الرَّوْضَة الْقِيَاسُ مَنْعُهَا تَرَكْنَاهُ لِلْخَبَرِ. وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَجْهًا أنها لَا تَأْخُذُ لِوَلَدِهَا. وَيَأْتِي حُكْمُ الحديث في آخِرِ بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ. قَوْلُهُ فَإِنْ غَيَّبَهُ وَصَبَرَ على الحبس [الجنس] فَلَهَا الْفَسْخُ. هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْوَجِيزُ وَتَذْكِرَةُ ابن عبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبُ الآدمي وَغَيْرِهِمْ. قال في الرِّعَايَتَيْنِ لها الْفَسْخُ في الْأَقْيَسِ. قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَلَهَا الْفَسْخُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ فَإِنْ أَصَرَّ فَارَقَتْهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. قال النَّاظِمُ: فَإِنْ مَنَعَ الْإِنْفَاقَ ذُو الْيُسْرِ أو يَغِبْ *** أو الْبَعْضَ أَنْ يَظْفَرَ بِمَالِ الْمُقَلِّدِ فَإِنْ تَعَذَّرَ يُلْجِئْهُ حَاكِمٌ فَإِنْ *** أَبَى يُعْطِهَا عنه وَلَوْ قِيمَةَ أَعْبُدٍ وقال الْقَاضِي ليس لها ذلك. قال في التَّرْغِيبِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ. قَوْلُهُ وَإِنْ غَابَ ولم يَتْرُكْ لها نَفَقَةً ولم تَقْدِرْ له على مَالٍ وَلَا الِاسْتِدَانَةَ عليه فَلَهَا الْفَسْخُ. هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وقال الْقَاضِي ليس لها ذلك إذَا لم يَثْبُتْ إعْسَارُهُ. قال في التَّرْغِيبِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ لها أَنْ تَسْتَدِينَ وَتُنْفِقَ. قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْفَسْخُ في ذلك إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَحَكَى الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ في كِتَابِ الصَّدَاقِ لها أَنْ تَفْسَخَ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ فِيمَا إذَا أَعْسَرَ بِالْمَهْرِ. وَتَقَدَّمَ ذلك في آخِرِ كِتَابِ الصَّدَاقِ فَلْيُعَاوَدْ.
|